الخليفة حكم المحارب، وقد مر الكلام على ولاية الشرطة والرد والمظالم والسوق والمصر في فصل المفقود فراجعه إن شئت.
فحكم بقول مقلده، يعني أنه لا يجوز للمقلِّد بكسر اللام قاضيا أو الإمام الأعظم أن يحكم إلا بقول مقلَّده بفتح اللام أي بالمشهور أو الراجح من قول مقلده ولا خصوصية له بذلك، بل وكذا قول أصحابه فالحاصل أنه لا يحكم إلا بمشهور المذهب. والله سبحانه أعلم. واعلم أن الذي يجب أن يحكم به ويفتَى به إنما هو المتفق عليه والراجح والمشهور. والراجح ما قوي دليله، والمشهور ما كثر قائله، كما يناسب معناه لغة، فإن تعارضا فمقتضى نصوص الفقهاء والأصوليين أن العمل بالراجح واجب، وقيل: المشهور ما قوي دليله فيترادف مع الراجح واعلم أن قول ملك في المدونة مقدم على قول ابن القاسم فيها، وأحرى في غيرها، وقول ابن القاسم فيها مقدم على قول غيره فيها وأحرى في غيرها، وقول غيره فيها مقدم على قوله أي ابن القاسم في غيرها، ويؤخذ مما مر تقديم قول ابن القاسم على قول غيره إذا كانا معا في غيرها ولم يكن للمسألة ذكر فيها، وهذا لمن قصر عن الاجتهاد وإلا وجب عليه بذل وسعه في الترجيح كما قاله غير واحد. قاله الشيخ الهلالي. ومقابل المشهور يسمى الشاذ والضعيف ومقابل الراجح. واعلم أيضا أن رواية ابن القاسم في المدونة عن الإمام، مقدمة على رواية غيره فيها عن الإمام ويقدم أيضا قول ابن القاسم في المدونة على رواية غيره في غيرها عن الإمام.
تنبيه: قال الشيخ بناني عن المسناوي: إذا جرى العمل ممن يقتدى به بمخالف المشهور لمصلحة وسبب فالواقع في كلامهم أنه يعمل بما جرى به العمل وإن كان مخالفا للمشهور، وهذا ظاهر إذا تحقق استمرار تلك المصلحة وذلك السبب، وإلا فالواجب الرجوع إلى المشهور، وهذا هو الظاهر، ثم فائدة ذكر الأقوال مع امتناع الحكم بغير المشهور أمران، اتساع المنظر ومعرفة مدارك الأقوال، وليعمل بالضعيف في نفسه إذا تحقق ضرورته، ولا يجوز للمفتي أن يفتي بغير المشهور لأنه لا يتَحقق الضرورة بالنسبة لغيره كما يتحققها من نفسه، ولذلك سدوا الذريعة فقالوا: يُمنع الفتوى بغير المشهور خوف ألَّا تكون الضرورة محققة لا لأجل أنه لا يعمل بالضعيف إذا تحققت الضرورة يوما ما. انتهى. وقد مر الكلام على ما يجب على القاضي والمفتي من الحكم والفتوى بالراجح