والمشهور، وأشار إلى القسم الثاني بقوله: ونفذ حكم أعمى وأبكم وأصم، يعني أن القاضي إذا حكم وهو متصف بصفة من هذه الصفات الثلاث وهي العمى والبكم والصمم فإنهُ حكمُه ينفذ سواء ولي كذلك أو طرأ عليه، لأن عدم واحد من هذه الأمور ليس شرطا في صحة ولايته ابتداء ودواما، وإنما هو شرط في جواز ولايته ابتداء ودواما، ولهذا قال: ووجب عزله، بخلاف الخليفة يطرأ عليه ذلك فلا يعزل. قال عبد الباقي: والظاهر أنه يضر وجود اثنين منها أو الثلاثة. انتهى. قال بناني: هذا يقتضي أن ذلك من عنده وأنه لم يقف عليه لغيره، مع أن ابن عبد السلام صرح بذلك ونقله عنه الحطاب، ونصه بعد ذكره أنَّ هذه الأوصاف إنما يوثر فقدها في وجوب العزل لا في انعقاد الولاية، قال: وإنما يظهر هذا إذا انعدم واحد من تلك الأجزاء بقيد الوحدة، وأما إذا انعدم اثنان منها فأكثر فلا تنعقد الولاية. انتهى. قال عبد الباقي. ويجوز تولية الأعمى الفتوى كما للبرزلي.
تنبيه: ترك المؤلف الكلام على الكتابة، قال ابن رشد والباجي: هل يشترط في القاضي أن يكتب؟ وعن الشافعية قولان أظهرهما الجواز. انتهى. ابن عبد السلام: رجح الباجي وابن رشد صحة الولاية. قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: وَلنصرف العِنان إلى أمور لا بد منها قد تقدم ذكر شيء منها عند قول المص مبينا لما به الفتوى، فأقول وبالله تعالى التوفيق: قال ابن فرحون: يلزم القاضي المقلد إذا وجد المشهور أن لا يخرج عنه، وذكر عن المازري رحمه الله أنه بلغ درجة الاجتهاد وما أفتى قط بغير المشهور، وعاش ثلاثا وثمانين سنة وكفى به قدوةً في هذا، فإن لم يقف على المشهور من القولين أو الروايتين فليس له التَّشهِّي والحكم بما شاء منهما من غير نظر وترجيح، فقد قال ابن الصلاح رحمه الله في كتاب أدب المفتي والمستفتي: اعلم أن من يكتفي بأن يكون في فتياه أو عمله موافقا لقول أو وجه في المسألة ويعمل بما شاء من الأقوال والوجوه من غير نظر في الترجيح فقد جهل وخَرَق الإجماعَ، وسبيلُهُ سبيل الذي حكى عنه أبو الوليد الباجي من فقهاء أصحابه أنه كان لصديقي عليَّ إذا وقعت له حكومة أن أفتيه بالرواية التي توافقه، وحكى الباجي عمن يثق به أنه وقعت له واقعة وهو غائب من فقهائهم يعني المالكية من أهل الصلاح بما