وأجبر وإن بضرب، يعني أن المتعين إذا امتنع من القبول فإنه يجبر ولو بضرب أو سجن، قال عبد الباقي: وهو راجع للمسألة الأولى، وأما من خاف الفتنة أو ضياع الحق فلا يتأتى في حقه غير الطلب والقبول، لكن لو كان الخوف من الإمام لَتأتى الجبر، والمصنف إنما علق الخوف بغير الإمام. قاله أحمد انتهى. وقال الخرشي: وإذا امتنع من وجب عليه من القبول أجبر وإن بضرب أو سجن، فقد أقام الإمام حولا يجبر سحنونا على القبول للقضاء ولم يقبله، فلما تخوف منه قبله، ولما ولي سحنون القضاء قال له رجل من أهل الأندلس: وددنا والله أن نراك فوق أعواد نعشك ولا نراك قاضيا. قاله الخرشي. وقال الرهوني: وبقي ابن الأغلب يطلب أبا سعيد سحنون نحو العام وهو يمتنع منه حتى حلف لئن لم تتقدم لأقدمن على الناس رجلا من الشيعة، فتقدم لما تعين على شروط شرَطَها عليه. انتهى.
وإلا، أي وإن لم يتعين عليه القضاء بأن لم يختصَّ بشروط القضاء ولم ينفرد بها، بل هناك من هو مثله، ولم يخف فتنة ولا ضياع الحق بأن انتفى كل من الثلاثة المذكورة، فله الهرب: لينجوَ بنفسه ويستعين بالله على خلاصه. وإن عين، يعني له أن يهرب حيث انتفى الثلاثة ولو كان الإمام قد عينه للقضاء، لأن القاعدة أن فُرُوضَ الكفاية تتَعَين بتعيين الإمام إلا القضاء فإنه لا يتعين حينئذ لشدة خطره في الدين، قال ابن مرزوق: وهذا دليل على أن ولايته من أعظم المحن، حيث جازت له مخالفة الإمام هنا، ولم تجز له في الجهاد الذي فيه تعريض النفس للتلف، الأن التلف في الجهاد تعقبه سعادة دانمة، وفي القضاء ضرر دائم لعسر التخلص منه. قوله: وإلا فله الهرب، ظاهره تساوي الأمرين، وفي شرح الرسالة لابن ناجي: والأصل أن ذلك مكروه إلا لعارض. قاله الرهوني. واعلم أن طلب القضاء ينقسم إلى خمسة أقسام: واجب، وأشار إليه بقوله: ولزم المتعين لخ، وحرام، وإليه أشار بقوله:
وحرم لجاهل، يعني أنه يحرم على الجاهل طلب القضاء وقبوله، ففاعل حرم ضمير مستتر أي هو، أي ما ذكر من القبول والطلب، ومثل القاضي في ذلك السلطان فيحرم عليه القبول والطلب إن كان جاهلا لأن الجهل يؤدي إلى مخالفة الأمور المتفق عليها، وحكى ابن رشد عن بعضهم أنه