أجاز تولية الجاهل ورأى كونه عالما مستحبا لا شرطا في الصحة ولا موجبا للعزل، وهو قول شاذ بعيد من الصواب. قاله ابن فرحون. وهذا القول الشاذ هو الذي مر عليه ابن عاصم حيث قال:
ويستحب العلم فيه والورع … ....................
لخ، وكما يحرم على الجاهل من قاض وسلطان القبول والطلب، يحرم على قاصد الدنيا القبول والطلب أيضا. ولهذا قال:
وقاصد دنيا أي يحرم على قاصد دنيا أن يطلب القضاء وأن يقبله ليلا يوديه غرضه الدنيوي إلى أخذ أموال الناس بالباطل، كأخذ الرشا، وكقصد الانتقام من أعدائه، فيحرم عليه، ومراد المص حرم كل بانفراده، فالواو بمعنى أو، ولو قال المص: وحرم لمن لم يكن فيه أهلية، لكان أشمل، كأن يطلب وهو من أهل العلم لكنه متلبس بما يوجب فسخه. والثالث: الإباحة وهو الأصل في القضاء، وربما يشير له قوله: فله الهرب. قاله عبد الباقي. وقال في التبصرة: المباح أن يكون فقيرا وله عيال، فيجوز له السعي في تحصيله لسد خلته، وكذلك إن كان يقصد به دفع ضرر عن نفسه فيباح له أيضا. انتهى. والرابع: الكراهة، كأن يكون سعيه في طلب القضاء لتحصيل الجاه والاستعلاء على الناس، فهذا يكره له السعي ولو قيل إنه يحرم كان وجهه ظاهرا لقوله تعالى:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}. ويكره أيضا إذا كان غنيا عن أخذ الرزق للقضاء، وكان مشهورا لا يحتاج إلى تشهير نفسه وعلمه بالقضاء، ويحتمل أن يلحق هذا بقسم المباح. قاله في التبصرة. خامس الأقسام: الندب، وإليه أشار بقوله:
وندب ليشهر علمه، يشهر بضم الياء وهو المحفوظ من أشهر، وبفتحها من شهر، وهو الموافق لقوله الآتي: إن شهر عدلا، وربما يدل عليه كلام الصحاح. قاله عبد الباقي. يعني أنه يستحب لعالم خامل الذكر القبول والطلب ليعلم الجاهل ويرشد المستفتي، لا الشهرة لرفعة دنيوية، وكذا يندب لمن يعلم أنه أنهض وأنفع للمسلمين من غيره. قال عبد الباقي: وكذا لفقير عاجز عن قوته وقوت عياله إلا برزق القضاء من بيت المال أو من مرتب وقف عليه، كما اقتصر عليه ابن عرفة،