وفي ابن ناجي والتبصرة: أنه مباح فقط. انتهى. وقال الخرشي: ومن أقسام المستحب أن يكون عاجزًا عن قوته وقوت عياله إلا برزق القضاء وهو أهل له، والمراد برزق القضاء المجعول للقاضي من بيت المال أو من الأوقاف على القضاء، لا من مال من حكم له بالحق فإن ذلك لا يجوز كما نقله صاحب الجواهر في الشرط الرابع. انتهى. وأشار إلى القسم الثالث وهو شرط الكمال بقوله: كورع، يعني أنه يستحب أن يكون القاضي ورعا، فتولية الورع مندوبة، ولا يشترط في صحتها أن يكون من ولَّى ورعا، والورِع هو التارك للشبهات خوف الوقوع في المحرمات. قاله الخرشي. وقال الشبراخيتي: ثم شبه في الندب قوله: كورع، أي شديد الورع كحَذِر أي شديد الحَذَر، وهو التارك للشبهات وبعض المباحات خوف الوقوع في المحرم. انتهى. وقال عبد الباقي: كورع بكسر الراء أي تارك شبهات وبعض مباحات خوف وقوع في محرم انتهى وقال الحطاب: إن الورع هو التارك للشبهات انتهى. الخرشي: ويستحب أن يكون القاضي بلديا لعلمه بأحوال الشهود على الراجح. ونحوه للشبراخيتي. الحطاب: زاد ابن الحاجب أن يكون مليا، ولا يخاف في الله لومة لائم، والمص إنما ترك الأول لأن ابن رشد وابن عبد السلام قالا: إن الوُلَاة اليوم يرجحون غير البلدي على البلدي، وترك الثاني لأنه قال في التوضيح تبعا لابن عبد السلام: الظاهر أنه راجع إلى النوع الأول لأن الخوف من لومة لائم راجع إلى الفسق. انتهى.
غني، يعني أنه يستحب في حق القاضي أن يكون غنيا، أي ذا مال غير محتاج بحيث لا تتطلَّع نفسه لما في يد غيره، ولا تتطرق مقالة السوء فيه، فالغني مظنة التنزه عن الطمع، لأن المال عند ذوي الدين زيادة لهم في الخير والفضل، لا سيما من نصب نفسه للناس، ولهذا قال الإمام الشافعي: من تولى القضاء ولم يفتقر فهو سارق، ولا ينافي ذلك ما مر عن ابن ناجي من إباحته لفقير ليستعين [بمرتبه](١) من نحو بيت المال على عياله لأنه في المباح، وما هنا في المندوب. قاله عبد الباقي وغيره.
(١) في الأصل: بمرتبة، والمثبت من عبد الباقي ج ٧ ص ١٢٦.