للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما يكرهه الناس. وحكمه، فيجتنب ما يُكره من ذلك. وشهوده، ليعمل بمقتضى الأخبار من عزل أو إبقاء: وقد كان لعمر رضي الله عنه من يخبره بذلك.

وتأديب من أساء عليه، يعني أنه يندب للقاضي أن يؤدب من أساء عليه، كقوله: ظلمتني، وظاهر كلام ملك أنه على الوجوب، ويستند في ذلك لعلمه فيفعل وإن لم تشهد به بينة، بخلاف تأديب من أساء على خصمه فإنه واجب. قاله الشبراخيتي. وقال عبد الباقي وندب له تأديب من أساء عليه، أي على القاضي العدل في مجلسه وإن لزم منه الحكم لنفسه، لانتهاك حرمة الشرع، ولو بغير بينة لأن هذا مما يستند فيه لعلمه، والعقوبة في هذا أولى من العفو، لا بغير مجلسه وإن شهد عليه به عنده لأنه لا يحكم لنفسه في مثل ذلك فيرفعه لغيره إن شاء. انتهى. وقال بناني: وتأديب من أساء عليه، حمل بعضٌ هذا على الوجوب لحرمة الشرع، وهو ظاهر كلام ابن عبد السلام، وحمله بعض على الندب وهو ظاهر كلام ابن رشد نظرا إلى أنه كالمنتقم لنفسه، وهذا إن أساء على القاضي، أما على غيره فالوجوب. وفي رجز ابن عاصم:

ومن جفا القاضيَ فالتأديب … أولى وذا لِشاهدٍ مطلوب

تنبيه: وقع في سماع ابن القاسم أن القاضي إذا كان من أهل الفضل وأراد الخصم إذايته عاقبه. قال: وما ترك ذلك حتى خاصم أهل الشرف في العقوبة في الإلداد، أي ما ترك الناس إذاية القضاة حتى قام أهل الشرف بحقوقهم وعاقبوا أي الحكام من ءاذاهم وألدَّ عليهم فانكفوا عن إذايتهم. انظر أبا علي.

إلا في مثل اتق الله في أمري، يعني أنه إذا قال للقاضي: اتق الله في أمري، أو اذكر وقوفك للحساب بين يدي الله، وما أشبه ذلك مما فيه وعظ وإشارة فإنه يجب عليه أن يترك أدبه، ويندب أن يرفق به، كما قال: فليرفق به وليعرض عن الإشارة، وقوله: فليرفق به، بأن يجيبه جوابا لينا، بأن يقول له: رزقني اللهُ وإياك تقواه، أو ما أمرت إلا بخير، وعلينا وعليك أن نتقي الله، أو ذكَّرني وإياك الوقوف للحساب والأعمال كلها مكتوبة ونحو ذلك. والله سبحانه أعلم.