للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تنبيه: قد علم من المص أي من قوله: مجتهد لخ، ومن قوله: وحرم لجاهل، أن العلم من الصفات المشترطة وليس من الصفات المُسْتَحَبَّةِ وهو خلاف ما لابن عاصم حيث يقول:

منفذ للشرع للأحكام … له نيابة عن الإمام

واستحسنت في حقه الجزاله … وشرطه التكليف والعداله

وأن يكون ذكرا حرا سلم … من فقد رؤية وسمع وكلِم

ويستحب العلم فيه والورع … مع كونه الحديث للفقه جَمَع

قوله: منفذ، خبر مبتدإ محذوف، أي القاضي منفذ، وللأحكام يتعلق بمنفذ، وكذا بالشرع، وله نيابة مبتدأ وخبر، والجملة خبر ثان، والرابط لجملة الخبر ضمير له، يعني أن القاضي هو المنفذ للأحكام بمقتضى الشرع وموافقته، وأن له نيابة عن الإمام، فللإمام عزله متى شاء لسبب ولغير سبب كما هو الشأن فيمن استناب غيره، بخلاف من أوصى له الإمام بالخلافة وقَيلَ فليس له عزله لأن ذلك حكم حَكَم به على المسلمين، وأحكامه عليهم نافذة، وقوله: واستحسنت أي استحبت، والجزالة الوقار وأمالة الرأي، وعد ابن عاصم العلم من الصفات المستحبة، وهو ما ذهب إليه ابن زرقون وابن رشد، خلاف ما ذهب إليه عياض والمازري، من كونه من الشروط الواجبة، قال عياض: وشرط العلم إذا وجد لازم، ولا يصح تقديم من ليس بعالم، ولا ينعقد له تقديم مع وجود العالم المستحق للقضاء، وعلى كل حال فلا بد أن يكون له علم ونباهة وفهم بما يتولاه، وإلا لم يصح له أمر. انظر شرح الشيخ ميارة. وقال الإمام الحطاب عند قول المص: "مجتهد إن وجد وإلا فأمثل مقلد" يشير إلى أن القاضي يشترط فيه أن يكون عالما، وجعل ابن رشد العلم من الصفات المستحبة، وقال ابن عبد السلام: والمشهور أنه من القسم الأول. انتهى. وكذا عده صاحب الجواهر والقرافي من القسم الأول، وعليه عامة أهل المذهب، وعليه فلا يصح تولية الجاهل، ويجب عزله وأحكامه مردودة ما وافق الحق منها وما لم يوافقه، وسيصرح المؤلف بأنها مردودة ما لم يشاور، والله أعلم. انتهى. وقوله: مع كونه، الحديث لخ، يعني ليتهيَّأَ له النظر في النوازل والبحث عن الدلائل والترجيح عند وقوع الخلاف والاختيار عند تعارض الأقوال.