ولم يستخلف، يعني أن القاضي المولى من الخليفة الذي لم ينص له على استخلافه ولا عدمه لا يجوز له أن يستخلف في جهة قريبة، ولو اتسع عمله فيها، ولو مرض أو سافر عند سحنون، وقال الأخوان: له ذلك حينئذ، فإن استخلف لغير عذر لم ينفذ حكم مستخلَفه إلا أن ينفذه. انظر الحطاب. وتنظير علي الأجهوري فيه قصور. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: وإذا ولَّى الخليفة قاضيا وأطلق وسكت عن الإذن له في الاستخلاف وعدمه لم يستخلف أي لا يجوز له أن يستخلف أي يحرم عليه الاستخلاف، وأما لو نص له على الاستخلاف فله الاستخلاف مطلقا اتسع عمله أم لا، قربت الجهة أو بعدت، أو نص على عدمه فليس له الاستخلاف مطلقا. انتهى. وقال الحطاب: قال ابن عبد السلام: إذا نهي عن الاستخلاف فيتفق على منع الاستخلاف، ويتفق أيضا على جواز الاستخلاف إذا أذن له في ذلك من ولَّاه.
إلا لوسع عمله، يعني أن محل الحرمة في الاستخلاف المذكور إنما هو إذا استخلف في الجهة القريبة، أما إن كان عمله متسعا فيريد أن يستخلف في الجهات البعيدة فالمشهور الجواز، وقال ابن عبد الحكم: لا يجوز إلا بإذن الخليفة، وإلى المشهور أشار بقوله: في جهة بعدت، والمجرور متعلق بعامل محذوف، أي فيستخلف في جهة بعدت، وقوله في جهة بعدت، قال الشبراخيتي: لأنه قرينة على الإذن له في الاستخلاف، والذي يفيده كلام المتيطي أن البعد ما كان زائدا على مسافة العدوى أي القصر، وفهم من كلام المص منع الاستخلاف في الجهة القريبة مع وسع عمله، وظاهره ولو لعذر كمرض أو سفر وهو كذلك خلافا لطرف وابن الماجشون، وقال عبد الباقي: ثم محل تفصيل المص فيما إذا لم يخص على الاستخلاف في القريبة فيستخلف، اتسع عمله أم لا، كان له عذر من مرض أو سفر أم لا، أو على عدمه فيمنع مطلقا، وينبغي أن العرف في الأمرين كذلك.
من علم ما استخلف فيه، يعني أنه إذا استخلف لوجود شرط الاستخلاف فإنما يستخلف شخصا يكون عالما بالأمر الذي استخلف فيه. فقط، أي لا يشترط علمه بجميع أبواب الفقه، وإنما يشترط علمه بالأمر الذي ولي فيه نكاحا أو بيعا أو شركة أو غير ذلك، فعلمه بما استخلف عليه كاف.