المسجد، وقال الحطاب: قال في المدونة: ولا يقيم في المسجد الحدود وشبهها، أبو الحسن: لأن في ذلك إهانة له والله يقول: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}. وقوله: شبهها يعني التعزيرات الكثيرة. انتهى. انتهى.
وجلس به، يعني أن القاضي يستحب له أن يجلس للقضاء في المسجد. قال التتائي: وفي المدونة: هو من الحق والأمر القديم. قال المص: والأقرب في زماننا الكراهة لكثرة التساهل ورفع الأصوات فيه. اللخمي عن ابن شعبان: من العدل كون منزل القاضي بوسط مصره. وفي الواضحة: كان من مضى من القضاة يجلسون في رحاب المسجد. قال في الذخيرة: وفي النوادر: ويجعل للنّصارى يوما أو وقتا يجلس لهم في غير المسجد. انتهى. وقال عبد الباقي: وجلس ندبا به أي برحابه خشية امتهانه وليَصِلَ إليه الكافر والحائض والضعيف، ولخبر:(جنبوا مساجدكم رفع أصواتكم وخصوماتكم)(١). انتهى. قال بناني: قول الزرقاني: برحابه، أي الخارجة عن المسجد، وكون جلوسه برحابه هو المستحبُّ عند اللخمي والباجي وصاحب المقدمات. وقال ابن عبد السلام: الأقرب في زماننا اليوم الكراهة، فالحكم في المسجد مؤد إلى دخول الحائض والجنب فيه إلى ما ينضم إلى ذلك من رفع أصوات الخصوم بكلام الباطل. انتهى.
فرع: قال الحطاب: يستحب للقاضي أن يستقبل القبلة في جلوسه، وينبغي له أن لا يتضاحك مع الناس. وقال الشبراخيتي: وجلس القاضي به أي بالمسجد للقضاء أي برحابه خشية امتهانه، وأما في داخله فهو مكروه لأن المساجد تنزه عن الخصومات كما يفيده كلام الحطاب خلافا لما في التبصرة، وهذا حيث لم يحصل امتهان المسجد بدخول من لا يجوز دخوله به كالحائض والجنب، وبفعل ما لا يجوز فعله به كالتعزير الشديد به وإقامة الحد به، فإنه يحرم الجلوس به. انتهى. ولابن عاصم رحمه الله تعالى:
وحَيْثُ لاقَ لِلقَضاءِ يَقْعُدُ … وفي البلاد يُسْتَحَبُّ المسْجِدُ
(١) ابن ماجه، كتاب المساجد، رقم الحديث ٧٥٠ ولفظه: جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراركم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم …