للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عليهما] (١)، ولا يقضي بين عبده وخصمه وإن رضي الخصم بذلك، فإن فعل فليشهد على رضاه ويحكم بالعدل ويجتهد، ومما يجري مجرى القاضي في المنع من الحكم لمن يتهم عليه المفتي يعني لمن يتهم عليه ممن لا تجوز شهادته له، فينبغي للمفتي المتهم الهروب متى قدر عليه.

قال المازري: وقد نزل بي مثلُ هذا في خصام لزوجتي في مواريث وسألني القاضي والخصوم في الفتوى فامتنعت من ذلك، ويجوز للقاضي أن يحكم بين أهل الذمة إذا رضوا حكمه أي رضي به الخصمان، وإن لم ترض أساقفتهم به وليحكم بينهم بحكم الإسلام، ولا يحكم بينهم في الخمر والزنى والربا. ومن أفعال الحاكم ما يستلزم الحكم، كبيعه العبد الذي أعتقه من أحاط الدين بماله، وكتزويجه امرأة تزوجت تزويجا يستحق الفسخ، فإن نفس العقد عليها يستلزم فسخ نكاحها المتقدم، يريد أن الحاكم زوجها قبل دخول الأول بها ومن الأشياء ما يفتقر لحكم الحاكم كالطلاق بالإعسار والطلاق بالإضرار والطلاق على المولي، وإذا قالت امرأة المعترض: لا تطلقوني وأنا أصبر إلى أجل آخر فذلك لها، ثم تطلق نفسها متى شاءت بغير سلطان، وكذلك الذي يحلف ليقضين فلانا حقه يوقف عن امرأته، فإذا جازت أربعة أشهر قيل له فيْء وإلا طَلَّقْنا عليك، فتقول امرأته أنا أنظره شهرين أو ثلاثة فذلك، ثم تطلق متى شاءت بغير أمر السلطان. وقد مر أن القاضي يحكم في كل شيء إلا ما استثني هناك، وأما غير القاضي فمقصور على ما قدم عليه. وفي المتيطي: أربع مسائل لا يحكم فيها صاحب الشرطة: التحجير والحكم على الغائب وإقامة الحدود والقسم بين الكبار والصغار، وما عداها يجوز حكمه فيه. اهـ.

مسألة: اعلم أن العقود من الحكَّام كالبيع والشراء والإجارة وعقد النكاح، ونحو ذلك من التصرفات ليست حكما فلغيرهم النظر فيها فيرد ما ليس بصواب إلا أن تتوقف هذه التصرفات على إبطال تصرفات قبلها كما مر، واختلف هل يعزل القاضي بنفس الفسق أو حتى يعزله الإمام؟ المازري: ظاهر المذهب على قولين، وأشار إلى ترجيح عدم العزل وهو قول أصبغ، ومذهب


(١) في الأصل: عليهم، والمثبت من: ابن يونس ج ٥ ص ٧٦.