للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في سخط الله)، ومن حلف ليقطع مال أخيه بيمين فَاجِرَةٍ فليتبوأ مقعده من النار)، ويعظ الشهود أيضا كما رُوي عن شريح انه كان يقول لمن يشهد عنده: إنما يقضي على هذا المسلم أنتما بشهادتكما وإني مُتّقٍ بكما من النار فاتقيا الله والنار، ولا ينبغي للقاضي أن يصرف من ابتدأ التحاكم عنده رجاء أن يظهر حقه عند غيره، بل يعجزه إن عجز ويقطع عن المطلوب تعنيته إياه، وينبغي للراغب في هذا أن يختار لنفسه الحاكم الذي يظن ظهور حقه عنده، وأما بعد ابتدائه عند حاكم ثم يريد العدول عنه إلى آخر فغير سائغ له.

مسألة: قال ابن حبيب: قال مطرف في القاضي يتواضع الخصمان عنده الحُجَجَ فيقول لهما اجتهدا فإني لست أقيلكما فيضعان حجتهما ويوقع ذلك في ديوان القاضي، ثم يريد أن يتحول من حجته إلى حجة أخرى: فأنا أرى له أن يقيل الناس من حججهم؛ لأن الرجل قد يضع حجة فيسقط منها كثيرا نسيانا أو عجلا أو حصرا إلا أن يستوعب أمر الخصمين بالكشف عن أمرهما ويعجزا له أنفسهما، ويقولان: ليس عندنا من الحجج والبينات إلا الذي وضعنا عندك، ثم إن القاضي وقف يستشير في ذلك، فحينئذ إن بدا لأحدهما أن ينتقل عن حجته تلك إلى غيرها تكون أنفع له لم يكن له ذلك إلا أن يرى القاضي ذلك ويثبت عنده عذره، فإن أتى ببينة وكان قد عجز نفسه عنها، فإن رآى السلطان أن بينته تلك كانت غائبة عنه غيبة بعيدة أو لم يكن يعرفها قبل ذلك نظر له ما لم يفصل الحاكم بينهما، فحينئذ لا ينظر له في بينة ولا يعذره بغيبتها وما خفي عنه من أمرها، وكذا لو أراد أن يأتي بحجة لم يكن أتى بها أو يجرح من تمكن من جرحه فلم يفعل لم يكن له شيء من ذلك ومضى أمره، وهذا الذي عليه أمر الحكام بالمدينة، ولا بأس أن يقضي القاضي بين الخصمين له على أحدهما دين إذا كان به موسرا، فإن كان به معسرا لم يجز له النظر بينهما. قاله مطرف.

ولو شهد عند القاضي رجلان أن رجلا سرق متاع القاضي قطعه ولم يُغرِّمْه حتى يرفعه إلى غيره لأن السرقة حق له وهو لا يحكم لنفسه. وفي ابن يونس: ولا ينبغي له أن يحكم بين أحد من عشيرته وبين خصمه وإن رضي الخصم، بخلاف رجلين رضيا بحكم أجنبي فينفذ ذلك