للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: قال المبرد: دم أصله فعل بالتحريك والذاهب منه الياء، والدليل على ذلك قولهم في التثنية: دميان، ألا ترى أن الشاعر وهو الحصين بن الحمام المري لا اضطر أخرجه إلى أصله، فقال:

ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا … ولكن على أقدامنا تقطر الدما

قاله التتائي. وقيل: أصله دمو بالتحريك، وبعض العرب يقول في تثنيته: دموان. ابن عرفة: نقل الأصوليون إجماع الملل على حفظ الأديان والنفوس والعقول والأعراض والأموال، وذكر بعضهم الأنساب عوض الأموال. انتهى. وعده الأعراض هو أحد قولين، وقيل ليس مما التفت الشرع إليه في كل شريعة وإن كانت حرمته معلومة من الشريعة المحمدية، وأول الست: حفظ الأديان وهو أعلاها وغيره وسيلة إليه ولحفظه شرع الجهاد وقتل المرتد والزنديق، وثانيها: حفظ النفس وله شرع القصاص، وثالثها: حفظ العقل ولأجله شرع حد الخمر، ورابعها: حفظ الأنساب ولأجله شرع الحد في الزنى واللعان، وخامسها: حفظ المال ولأجله شرع القطع في السرقة وضمان المتلفات، وسادسها: حفظ الأعراض ولأجله شرع حد القذف واللعان إن رمى بالزنى ولم ينف الولد فإن نفاه كان من قسم ما شرع لحفظ النسب. قاله التتائي.

الثالث: قال الشبراخيتي: قال ابن مرزوق: وأما حقيقة الجناية اصطلاحا فهي: إتلاف مكلف غير حربي نفس إنسان معصوم أو عضوه أو اتصالا بجسمه أو معنى قائما به أو جنينه عمدا أو خطأ بتحقيق أو تهمة. انتهى. فإتلاف مكلف جنس وغير حربي يخرج الحربي إذ لا يؤاخذ بما اكتسبه مما ذكر هنا، ونفس إنسان وما بعده يخرج إتلاف المال والجناية على العرض فليسا من هذا الباب، وإضافة نفس للإنسان يخرج إتلاف نفس غيره ويدخل نفس العبد، والذمي ومعصوم يخرج الحربي ومن وجب قتله لموجب لا يجوز العفو عنه وإتلاف اتصال الجسم كناية عن الجرح، والمعنى القائم بالجسم كالعقل والسمع وغيرهما، وضمير جنينه يعود على الإنسان، وعمدًا أو خطأ منصوبان بإتلاف وبتحقيق متعلق به، وذُكِرَ توطئة لعَطْف أو تهمة عليه، والمراد بها اللوث الموجب لثبوت الدم مع القسامة. انتهى.