للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن القتل هو أعظم الذنوب بعد الشرك، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا}. الآية. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}، وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}، وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، وقال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا}، إلى قوله تعالى: {كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ}، الخ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة) (١)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) (٢)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها) (٣)، (وذلك أنه أول من سن القتل) (٤)، فالقتل ذنب عظيم ليس بعد الشرك بالله ذنب أعظم منه، وأركان القصاص ثلاثة: الجاني والمجني عليه والجناية، ولكل منها شروط ذكر جميعها.

وبدأ بالركن الأول مع شروطه فقال: إن أتلف أي جنى عمدا، مكلف على نفس ولو سكران طافحا، وإن رق فيقتل العبد بالحر غير حربي يعني أنه لا يقتل حربي قصاصا قتل غيره، ولا زائد حرية على المقتول؛ فلا يقتل الحر بالعبد، أو إسلام أي ولا زائد إسلام فلا يقتل مسلم ولو عبدا بكافر ولو حرا، حين القتل هذا الظرف خاص بقوله: "غير حربي ولا زائد حرية أو إسلام" ولا يرجع "لمكلف"، وقوله: "حين القتل" أي إن لم يتأخر عن سببه، وإلا اعتبر السبب أيضا أي شرط القتل أن لا يكون القاتل حربيا ولا زائد حرية أو إسلام حين السبب أي الرمي والسبب أي التلف، وبينهما إلا لغيلة مستثنى من قوله: "ولا زائد حرية أو إسلام" أي أن قتل الغيلة لا تشترط فيه المكافأة، فيقتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر، وقتل الغيلة هو القتل خفية لأخذ المال، والظاهر أن اللام في "لغيلة" بمعنى: في. والله تعالى أعلم.


(١) كنز العمال، رقم الحديث، ٣٩٨٨٢.
(٢) صحيح البخاري، كتاب العلم، رقم الحديث ١٢١، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، رقم الحديث، ٦٥.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الاعتصام، رقم الحديث، ٧٣٢١، ولفظه: ليس من نفس الخ.
(٤) سنن النسائي، كتاب المحاربة (تحريم الدم) رقم الحديث، ٣٩٩.