وأشار للركن الثاني مع شروطه بقوله: معصوما معمول "أتلف"، واحترز به من المرتد فلا قصاص على قاتله للتلف أي يشترط في المجني عليه أن يكون معصوما من حين جرح إلى حين تلف، فلو جرح مرتدا ثم رجع للإسلام قبل الموت أو جرح مسلما ثم ارتد قبل الموت ثم مات فلا قصاص، والإصابة يعني أنه يشترط في المجني عليه أن يكون معصوما من حين الرمي إلى حين أصيب إصابة الموت، فلو رماه وهو مرتد أو رماه وهو مسلم ثم ارتد قبل أن يصاب فلا قصاص على الرامي. وعلم مما قررت أن المسألتين أي قوله:"للتلف"، وقوله:"والإصابة" في الموت.
ثم بين ما تكون به العصمة فقال: بإيمان بالله ورسوله، لخبر:(أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله أي ومحمد رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)(١). أو أمان يعني أن العصمة إنما تكون بإيمان أي تصديق بالله وبرسوله أو أمان أي تأمين من السلطان أو غيره لحربي أو تأمين بالتزام الجزية، كالقاتل من غير المستحق مثال للمعصوم، مثل بالأضعف تنبيها على الأقوي يعني أن القاتل معصوم من غير المستحق، وأدب يعني أن المستحق للقصاص إذا قتل القاتل من غير إذن الإمام فإنه يؤدب لافتياته على الإمام، كمرتد يعني أن القاتل للمرتد بغير إذن الإمام يؤدب لافتياته على الإمام: وزان أحصن يعني أن قاتل الزاني المحصن من غير إذن الإمام يؤدب، ويد سارق يعني أن من قطع يد سارق بغير إذن الإمام يؤدب لافتياتهم على الإمام بقتل المرتد والزاني المحصن وقطع يد السارق من دون إذنه.
فالقود جواب الشرط أعني قوله:"إن أتلف" أي القود أي القصاص ثابت لولي المقتول على القاتل عينا أي يتعين لولي المقتول القصاص، فليس له أن يلزم القاتل الدية إلا برضاه، خلافا لأشهب القائل: الولي بالخيار بين أن يقتل القاتل أو يأخذ الدية، ومعنى كلام المصنف أن جناية المكلف حرا أو رقيقا أي قتله لمعصوم بإيمان أو أمان توجب القود، أي تثبت لولي المقتول القصاص من ذلك المكلف القاتل، بشرط أن يكون ذلك المكلف القاتل غير حربي، وأن يكون غير زائد على المقتول بالحرية، وأن يكون غير زائد عليه بالإسلام، فَاحترز بالقيد الأول من الحربي
(١) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، رقم الحديث ٢١، ولفظه: … فإذا قالوا لا إله إلا الله … سنن الترمذي، كتاب الإيمان، رقم الحديث، ٢٦٠٦.