للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا قصاص على الحربي إذا قتل، فإذا قتل الحربي مسلما أو ذميا ثم أسلم فإنه لا قصاص عليه، واحترز بالقيد الثاني من الحر إذا قتل عبدا فإنه لا يقتل الحر بالعبد، واحترز بالقيد الثالث من المسلم إذا قتل كافرا فإنه لا قصاص عليه، سواء كان المسلم القاتل حرا أو عبدا، وسواء كان الكافر المقتول حرا أو عبدا، وهذه الغيرية في المسائل الثلاث أي كون الجاني غير حربي وغير زائد حرية وغير زائد إسلام معتبرة من حين سبب القتل إلى حين القتل؛ أي تعتبر حين السبب وحين القتل وبينهما، فلو حذف المصنف قوله: "حين القتل"، أو قال: إلى حين القتل لكان أولى، واشتراط عدم زيادة الحرية والإسلام إنما هو في غير قتل الغيلة، وأما قتل الغيلة فيقتل فيه الحر بالعبد والمسلم بالكافر.

واللام في قوله: "للتلف" لام الغاية أي إذا جرح المكلف غير الحربي مكافئا له من معصوم، فإنه يشترط أن تدوم تلك العصمة من حين الجرح إلى تلف المجني عليه أي موته، وإذا رماه فأصابه فمات فلا بد أن يكون ذلك المجني عليه معصوما من حين الرمي إلى حين أصيب، فالحاصل أنه تشترط في المقتول العصمة من حين الرمي إلى حين الإصابة التي مات منها، ومن حين جرح إلى حين مات ومن العصوم القاتل بالنسبة لغير مستحق دمه، وأما مستحق دمه فليس بمعصوم بالنسبة له لكنه لا يقتله من دون إذن الإمام، فإن قتله من دون إذنه أدب لافتياته على الإمام، كما يؤدب من قتل مرتدا من دون الإمام أو زانيا محصنا من دون الإمام لافتياته عليه، فاحترز المصنف بالمعصوم كان الرتد والزاني المحصن والقاتل بالنسبة للمستحق، ويؤدب أيضا من قطع يد السارق من دون إذن الإمام لافتياته عليه.

وقوله: "للتلف والإصابة" قال البناني: قال المصطفى: كأنه يحوم على قول الجواهر: فصل في تغيير الحال بين الرمي والجرح وبين الجرح والموت، وقول ابن الحاجب: فلو زال أي التكافؤ بين حصول الموجب ووصول الأثر، كعتق أحدهما أو إسلامه بعد الرمي وقبل الإصابة أو بعد الجرح وقبل الموت، فقال ابن القاسم: المعتبر في الضمان حال الإصابة وحال الموت، وقال أشهب وسحنون: حال الرمي ورجع سحنون، فأما القصاص فبالحالين معا. انتهى. فقوله: "للتلف" أي لا حين الجرح فقط، وقوله: "الإصابة" أي لا حين الرمي والكلام كله في النفس، وسيأتي الكلام