فأما في الموت فيمكن من ذلك وأما في الغيبة فلا. انتهى. محمد بن يونس: قال ابن القاسم: لا يقوم بذلك ولد ولا غيره وإن طالت الغيبة وقاله أصبغ، وقد قيل للولد القيام في الغيبة البعيدة ويحد لهم وليس لهم ذلك في القريبة، ويكتب إلى المقذوف. انتهى المراد منه. وقال البناني: وأما المجهول فهو أعم من المحمول فيشمل المسبيَّ والغريب. انتهى.
والحاصل أن المجهول من لقيط وغريب ومسبي ومنبوذ من نفى نسبه عن أب معين لا حد عليه، فإن نفى نسبه مطلقا لم يحد في المنبوذ على الراجح، ومقابله لابن رشد: عليه الحد وحد في اللقيط والمسبي والغريب، وكذا يحد في قذف واحد من الثلاثة بأبيه وأمه بأن قال له: يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية، ولا حد على من قال للمنبوذ يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية اتفاقا، وقال أشهب: لا حد على من نفى المحمول من أبيه أو قال له يا ولد زنى، وقال الشبراخيتي: لا حد على من قذف الذين يرسلهم السلطان لحياطة أي حراسة أو لسد ثغر أو لنحو ذلك، ولا على من قذف لقيطا أو مسبيا بنفي نسب عن أب معين، وأما عن أب غير معين فالحد في الثلاثة كما لو قذفهم بالزنى. انتهى. ثم قال عن ابن غازي: وأما اللقيط والمحمول فيحد من قذفه بأبيه وأمه أي بسبب أبيه وأمه، بأن قال له، يا ابن الزاني والزانية، والفرق بين اللقيط والمنبوذ أن المنبوذ من وجد بفور ولادته لا بزمن شدة ونحوها، وإنما يفعل ذلك فيمن ولد من زنى وأن اللقيط من وجد صغيرا لا بفور ولادته، والغالب أنه إنما يكون كذلك في زمن شدة ونحوها وأن رميه لذلك. واللَّه ولي التوفيق. والهادي إلى سواء الطريق.
التاسع: من أمر عبده أو أجنبيا أن يقذف رجلا أو يبلغه القذف ففيه ست صور: الأُولَى والثّانِيَةُ أن يقول لعبده أو لأجنبي اذهب إلى فلان وقل له فلان يقول لك كذا يا ابن الفاعلة، وقال له ذلك فإن قامت له بينة أنه أمر بذلك حد الآمر وإلا حد البلغ. قاله الْوَانُوغِيُّ. الثالثة والرابعة أن يقول لعبده اقذف فلانا أو قل له يا ابن الفاعلة، فإن قامت بذلك بينة حدا وإلا حد العبد وحْدَه، الخامسة أن يقول لأجنبي اقذف فلانا فقذفه فالحد على الأمور وعلى الآمر النكال، السَّادِسَة أن يقول لأجنبي قل له يا ابن الفاعلة فقال له ذلك فالحد عليهما إن ثبت أن الآمر قال له ذلك وإلا حد القاذف فقط. انتهى. قال جميعه الشبراخيتي. واللَّه تعالى أعلم.