وأما لو نفى المنبوذ عن أب معين كلست ابن فلان: أو قال له يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية فلا حد على القاذف في المسألتين اتفاقا، وعلله ابن رشد بجهل أبويه أي قوله: يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية، وتُعُقِبَ بأن العلة كون المنبوذ لا يكون إلا ابن زنى كما قال مالك؛ لأن اللقيط كذلك. والنص أنه يحد قاذفه بذلك؛ أي من قال للقيط يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية حد كما نص عليه ابن رشد، فظهر من هذا أن العلة كون المنبوذ لا يكون إلا ابن زنى لا الجهل بأبويه لمساواته للقيط في ذلك، فلو كان الأمر كما قال لَسَقط الحد عن من قال للقيط يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية، مع أنه لا يسقط عنه، واللقيط هو من التقط من الصغار في الشدائد والجلاء، وقد يطلق على اللقيط أنه منبوذ، وأما المحمول وهو السبي فقال في التوضيح: المحمول بالحاء والميم المسبي لا حد على من نفاه من أبيه أو قال له يا ولد زنى. قاله أشهب. لأن المحمولين لا تثبت أنسابهم ولا يتوارثون بها. انتهى. وهو خلاف قول ابن رشد: يحد من قذفه بأبيه وأمه. قاله ابن حبيب في الواضحة. نقله ابن غازي. انتهى. قال الرهوني: قول البناني: وفي التوضيح: المحمول بالحاء والميم المسبيّ لا حد على من نفاة الخ كلامه يوهم أنه في التوضيح اقتصر على قول أشهب أو رجحه، وأنه لم يذكر كلام ابن رشد وليس كذلك، ونص التوضيح: وفي بعض النسخ المحمول بالحاء والميم ليحترز به من المسْبيِّين فإنه لا حد على من نفاة من أبيه، أو قال يا ولد زنى. قاله أشهب. قال: لأن المحمولين لا تثبت أنسابهم ولا يتوارثون، وَسُئِلَ في العتبية عن الرجل الغريب يقال له يا ابن الزانية وهو لا يرى، قال مالك: أرى أن يضرب الحد إذا كان رجلا مسلما وقد يقدم الرجل البلد فيقيم بها سنين من أهل خراسان فيقذفه الرجل ويقال أقم البينة على أن أمك حرة مسلمة. مالك: ما أرى ذلك عليه ولكن أرى أن يضرب من قذفه والظالم أحق بالحمل عليه، قال في البيان: وهذا أبين لأن أم الحر المسلم محمولة على الإسلام والحرية حتى يعلم خلاف ذلك. انتهى.
وفي الرهوني عقب هذا ما معناه: وإنما يحد إذا قال له يا ابن الزانية إذا كانت أمه ماتت أو كاتبة بعيدة الغيبة، فإن كانت قريبة الغيبة فلا يحد لها إلا بعد الإعذار وهو خلاف ظاهر المدونة، ففيها: وإذا قذفت ميتة أو غائبة فقام بحدها ولد أو أخ أو أخت أو جد أو عم أو أب،