اختلاف في ذلك. انتهى. وقال عبد الباقي: وبعده إن أراد المقذوف سترا على نفسه بأن يخشى أنه إن أظهر ذلك قامت عليه بينة بما رماه به القاذف، أو يخشى أن يقال: ما لهذا حُدَّ؟ فيقال: قذف فلانا، أو يخشى أن المحدود يظهر للناس في المقذوف عيبا أو يضرب المقذوف حدا قديما فيخشى إذا أقام على قاذفه حدا أن يظهر حده القديم، وأما العفيف الفاضل فلا يجوز عفوه، وينبغي شمول المصنف أيضا لإرادة الستر على القاذف لو حد من حصول ضرر له مآلا، ويجوز العفو عن التعزير والشفاعة فيه ولو بلغ الإمام. قاله الحطاب. وظاهره ولو كان التعزير متمحضا لحق اللَّه. انتهى.
قال مقيده عفا اللَّه عنه: انظر كيف يجوز العفو عنه والشفاعة فيه مع أنه واجب لحق اللَّه عز وجل؟.
الرابع: قال أبو الوليد في المنتقى: مَسْأَلَةٌ: وأما القاذف يعطي المقذوف دينارا على أن يعفوَ عنه، ففي العتبية من رواية أشهب عن مالك: لا يجوز ذلك ويجلد الحد، ووجه ذلك أنه حق يتعلق به حق اللَّه تعالى فلا يسقط بمال كالقطع في السرقة. انتهى. وفي اختصار الشيخ حلولو لِنوازل شيخه البرزلي: مَسْأَلَةٌ: وفيها: من صالح رجلا عن قذف على شِقْص لم يجز لأن الحدود إنما فيها العفو أو إقامتها. انتهى. الرهوني: قول أبي الوليد الباجي: حق يتعلق به حق اللَّه تعالى الخ فيه إشكال؛ لأنه إن أراد يتعلق حق اللَّه به ليس للمقذوف إسقاطه وهو قول أشهب فالمذهب كما علمت خلافه، وإن أراد يتعلق حق اللَّه به مع كونه حقا للمقذوف فهو منقوض بالقتل الذي هو أعظم من القذف بكثير، وبذلك رد اللخمي على أشهب، ونصه: قال أشهب في مدونته فيمن عفا عن قاذفه ثم أتى بعد زمان وأراد أن يحده أن ذلك له. قال: لأنه حد من حدود اللَّه تعالى. قال الشيخ رحمه اللَّه: قول مالك إن ذلك حق للمقذوف أحسن، وليس تعدي القاذف في قذفه أعظم من تعديه على قتله، ولا خلاف أن له أن يعفو عن قاتله. انتهى. وهذا مما يزيد الإشكال قوة. فتأمله.
قلت: والظاهر في الفرق بين الصلح عن القصاص وعن القذف مع اشتراكهما في أن لمستحقهما إسقاطهما مجانا فيسقطان أن القصاص أقرب إلى المال من القذف ولا سيما على قول أشهب،