حتى تقول هذا على جهة الاستحباب. قاله ابن عمر. وهو خلاف المشهور. وظاهره أنه مطلوب في حقّ كلّ مصل، وليس كذلك.
قال القرافي: المشهور أنه لا يعيد التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا، وعن مالك يستحب للمأموم إذا سلم إمامه أن يقول: السلام عليك أيها النبيء ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشار له الحطاب، وغيره. وتقدم أن التشهد يجزئ بأي لفظ كان، فلو قال: لا إله إلَّا الله مرّة واحدة لكفى ذلك في حصول السنة، ولكن الأكمل أن يأتي باللفظ المخصوص، فقول الرسالة: فإن سلمت بعد هذا أجزأك؛ أي على جهة الكمال، وأما أصل السنة فيحصل بأقل من ذلك -كما عرفت-. وأتى به أيضًا للرد على من يقول: لا بد من الإتيان بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: التحيات لله؛ أي الألفاظ الدالة على الملك مستحقة لله تعالى، جمع تحية، وذلك أنهم كانوا لا يحيون إلَّا الملك نحو: انعم صباحا، وأبيت اللعن.
وعش كذا سنة؛ ولما لم يكن في تحياتهم شيء يصلح للثناء على الله تعالى، أبهمت ألفاظها واستعمل منها معنى التعظيم؛ أي أنواع الثناء والتعظيم، مما يدلُّ على أن الملكية ثابتة لله تعالى. قاله غير واحد. وقوله: الزاكيات؛ أي الناميات، وهي الأعمال الصالحات أي الأعمال التي تنمو ويكثر أجرها، إنما هي الأعمال التي لله، فمن عمل لغيره لا ينمو عمله، ولا يكون له ثواب زاك: وقوله: الطيبات: أي الكلمات الطيبات: وهي ذكر الله وما والاه؛ يعني أن الله تعالى هو الذي يستحق أن يذكر بما يليق بصفاته، ويطيب ويحسن أن يثنى به عليه مما يدلُّ على تعظيمه من تكبير وتنزيه وتهليل وتحميد وغير ذلك. والله سبحانه أعلم. وقوله الصلوات، أي الصلوات الخمس وكذا غيرها؛ أي لا يستحق أن يعبد بالصلوات إلَّا الله عزَّ وجلَّ، وغيره لا حظ له في ذلك. وقوله: السلام عليك؛ أي أمان الله عليك، وقوله: أيها النبي، مفعول بفعل محذوف؛ أي أخصك بهذا التبجيل العظيم، وقوله: ورحمة الله، الرحمة كلّ ملائم، وقوله: وبركاته، البركة الخير الكثير، وعلى هنا للاستعلاء المعنوي كما قال الهلالي عند قول المصنف: والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وقوله: السلام علينا، أي أمان الله علينا، وقوله: وعلى عباد الله الصالحين؛