أي المؤمنين من الجن والإنس والملائكة، وينوي بقوله: وعلى عباد الله الصالحين، كلّ عبد أطاع الله، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:(أن العبد إذا قال ذلك أصابت دعوته كلّ عبد صالح من الجن والإنس (١))، وأقيم منه أن القائل لغيره: فلان يسلم عليك، ولم يأمره بذلك، أنه غير كاذب؛ لأن المراد بعباد الله الصالحين، المؤمنون. واستظهره ابن ناجي: إن كان المنقول عنه يفهم معنى ما يتكلم به. ابن العربي: ينبغي أن يقصد الروضة الشريفة حين يقول: السلام عليك أيها النبيء، وقوله: أشهد، أي أتحقق وأتيقن. واعلم أن قوله التحيات لله إلى قوله: الصلوات لله، هو للنبي صلى الله عليه وسلم حَيَّا به ربَّه، وقوله: السلام عليك أيها النبيء ورحمة الله وبركاته، هو لله تعالى حيا به نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام.
واعلم أن الله تعالى هو الذي بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالتحية، وقوله: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، هو للنبي صلى الله عليه وسلم، قاله ليعم الأمان جميع عباد الله الصالحين، ولا يختص به هو وحده، وقوله: أشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، هو للملائكة. وفي التنبيه: اللهم صل وسلم على سيدنا ومولانا محمد، وعلى آل سيدنا محمد الذي بادرت الملائكة بقولهم لما علموا أنه حبيبه وخليله: أشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وقوله: حقّ، أي ثابت، وقوله: وأن الجَنَّة حقٌّ وأن النار حقٌّ، أي وأتحقق وأتيقن أنهما مخلوقتان، الآن وهذا مما يحب اعتقاده، وقوله: وأن الساعة، أي القيامة، وقوله: لا ريب فيها، أي لا شك فيها، وقوله: يبعث من في القبور، أي يحييهم {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} وذكر القبور إما لأن القبر هو الأغلب، وإما لأن قبر كلّ شيء بحسبه، وقوله: اللهم؛ أي يا الله. وقوله: كما صليت على إبراهيم؛ خص إبراهيم بالذكر في الصلاة لأنه دعا أن يجري ذكره على لسان أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولأنه سلم على أمته صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، ولم يسلم غيره من الأنبياء عليهم، بل سلموا كلهم عليه صلى
(١) البخاري، كتاب الأذان، رقم الحديث: ٨٣١/ ٦٢٣٠ بلفظ: .... فإنه إذا قال ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء والأرض … - مسلم، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٠٢.