للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفاقا للشافعي، وخلافا لأبي حنيفة وأحمد القائلين بأنه: لا يجوز الدعاء في الصلاة إلَّا بالأدعية المأثور أو الموافقة للقرآن العظيم، فإذا دعا بغير ذلك مما يسأله الناس بطلت صلاته.

وسمى من أحب يعني أنه يجوز للمصلي إذا جاز له الدعاء أو استحب أن يسمي شخصا -أي يذكر اسمه- أحب تسميته للدعاء له أو عليه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال بعد رفعه من الركوع: (غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله ودعا على آخرين، فقال: عصية عصت الله ورسوله، اللهم العن بني لحيان والعن رعلا وذكوان (١)). ثم سجد كما في صحيح مسلم. قاله الشيخ إبراهيم. وانظره مع ما تقدم عن الشيخ عبد الباقي من أن الدعاء بعد الرفع من الركوع إنما هو بربنا ولك الحمد.

تنبيه قال ابن زكري: أخرج الإمام أحمد وأبو داوود والديلمي عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سيكون أقوام يعتدون في الدعاء والطهور) (٢) قالوا: الاعتداء في الأول الدعاء بما لا يجوز ورفع الصوت وتكلف السجع، وفي الثاني صب الماء فوق الحاجة والمبالغة في استعماله حتى يفضي إلى الوسواس، قال الطيسي: ينبغي أن يكون الطهور بضم الطاء ليعم الأمرين. انتهى. وقال الشبراخيتي: قال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله السارق (٣))، ففيه جواز لعن الجنس لنفوذ الوعيد على من شاء الله منهم، وإنما يكره وينهى عن لعن العين، وقول من قال: معنى الحديث يلعن العاصي ما لم يحد؛ لأن الحدود كفارات غير سديد ولا صحيح، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن اللعن في الجملة (٤)). فَحَمْلُ النهي على العين جمع بين الأحاديث، ويجوز الدعاء على الظالم بعزله ظلمه أو ظلم غيره، والأولى عدم الدعاء على من لم يعم ظلمه، فإن عم فالأولى الدعاء، وينهى عن الدعاء عليه بذهاب أولاده وأهله أو بالوقوع في معصية لأن إرادة المعصية معصية. انتهى.


(١) مسلم، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٦٧٩.
(٢) الإتحاف، ج ٢ ص ٣٧٠. مسند أحمد، ج ٥ ص ٥٥، وج ٤ ص ٨٧. أبو داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٩٦. الديلمى، رقم الحديث: ٣٤٤٠.
(٣) البخاري، كتاب الحدود، رقم الحديث: ٦٧٨٣. مسلم، كتاب الحدود، رقم الحديث: ١٦٨٧.
(٤) لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضب الله ولا بالنار. أبو داود، كتاب الأدب، رقم الحديث: ٤٩٠٦. الترمذي، كتب البر والصلة، رقم الحديث: ١٩٧٦.