وحاصل ما مر من التحصل أن مباشرة الأرض في السجود بالوجه واليدين مندوبة، وأن السجود بالوجه واليدين على حائل مكروه إلا أن يكون الحائل مما تنبته الأرض ولم يقصد للزينة، فترك السجود عليه أحسن: وليس السجود عليه بمكروه بل هو خلاف الأولى. والثوب مظنة الترفه فيكره السجود عليه مطلقا كان مما تنبته الأرض أولا، انتفت منه الرفاهية أولا، وأن محل الكراهة إذا لم يكن ذلك لعذر، وأما إن كان لعذر كحر أو برد أو خشونة أرض فجائز، وأن المكروه على مذهب المدونة ما لا تنبته الأرض مطلقا فيه رفاهية، أولا وما تنبته مما فيه رفاهية. والله سبحانه أعلم.
تنبيه: الأدم الجلود المدبوغة جمع أديم، وأحلاس الدواب بفتح الهمزة والحاء والسين المهملة ما يلي ظهور الدواب وما يجعل تحت اللبود، والسروج وأصله من اللزوم، والطنفسة بكسر الطاء وفتح الفاء وهو أفصحها وبضمهما وكسرهما؛ بساط صغير كالنمرقة. وفي القاموس: مثلث الطاء والفاء وبكسر الطاء وفتح الفاء وبالعكس، وفي الذخيرة قال صاحب الطراز: فإن فرش خمرة فوق البساط لم يكره، وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا، قال: فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح ثم يقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقوم خلفه فيصلي بنا، وكان بساطه من جريد النخل (١)). واعلم أن الوجه آكد في الكراهة من اليدين، وفي الحطاب: واليدان يليان الوجه في التأكيد، وفي المدونة: وإن كان حر أو برد جاز أن يبسط ثوبا ويسجد عليه، ويجعل عليه كفيه. انتهى.
ورفع مومئ ما يسجد عليه؛ يعني أنه يكره للمصلي إذا كان شرعه الإيماء أن يرفع شيئا إلى جبهته أو ينصبه ويسجد عليه سواء اتصل بالأرض أم لا، قال فيها: ولا يرفع إلى جبهته أو ينصب بين يديه شيئا يسجد عليه. انتهى. قاله المواق. أبو الحسن: قال أشهب في المجموعة: وذلك إذا أومأ إلى ذلك الشيء برأسه حتى يسجد عليه، وأما إن رفعه إليه حتى أمَسَّه جبهته
(١) مسلم، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٦٥٩. البخاري، كتاب الأدب، رقم الحديث: ٦٢٠٣.