للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما للاعتبار فلا بأس، ولا يلحقه الوعيد. قال العلماء حين رأوا عامة الناس يرفعون أبصارهم إلى السماء، وهي سالمة: المراد بالخطف أخذها عن الاعتبار حتى تمر بآيات السماء وهو معرض، وذلك أشد الخطف. ونكتة ذلك أن قول المصلي: الله أكبر يحرم عليه الأفعال بالجوارح، والكلام باللسان، ونية الصلاة تحرم عليه الخواطر القلبية والاسترسال في الأفكار، إلا أن الشارع لا علم أن ضبط السر يفوت طوق البشر (١)). نقله الإمام الحطاب: وقال ابن العربي: قال العلماء: إن المصلي يجعل بصره إلى موضع سجوده، وبه قال الشافعي والصوفية بأسرهم، فإنه أحضر للقلب، وأجمع للفكر. وقال مالك: ينظر أمامه، فإنه إذا أحنى رأسه ذهب بعض القيام المفروض عليه في الرأس وهو أشرف الأعضاء، وقال ابن رشد الذي ذهب إليه مالك رحمه الله أن يكون بصر المصلي أمام قبلته من غير أن يلتفت إلى شيء أو ينكس رأسه، وهو إذا فعل ذلك خشع بصره، ووقع في موضع سجوده على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس يضيق عليه أن يلحظ ببصره الشيء من غير التفات إليه، فقد جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. قاله الإمام الحطاب.

تنبيه: ما تقدم من الالتفات المكروه شامل لمعاين الكعبة حيث لم يخرج شيء من بدنه عنها، فإن خرج شيء من بدنه ولو إصبعا عن سمتها، بطلت صلاته. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ الأمير: وسبق إبطال الانحراف اليسير في الاستقبال القطعي، ويكفي في غيره الوقوف بساق أو صدر.

وتشبيك الأصابع؛ يعني أنه يكره تشبيك الأصابع في الصلاة، ويجوز في غيرها ولو في المسجد، فقد (صح أنه صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم في المسجد (٢) وفي البخاري أن: النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه (٣)). وأومأ داوود بن قيس ليد مالك مشبكا أصابعه ليطلقها. وقال: ما هذا قال مالك، إنما يكره في الصلاة، ابن رشد: (صح في حديث ذي اليدين تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه


(١) في الحطاب ج ٢ ص ٢٥٤ ط. دار الرضوان: طوق البشر سمح فيه.
(٢) البخاري، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٧.
(٣) البخاري، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٨١.