للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه (١) وفي حديث أبي داوود عن سهل بن الحنظلية قال: (ثوب بالصلاة، -يعني الصبح- فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب وكان أرسل فارسا إلى الشعب من الليل يحرس (٢)). والمكروه الالتفات لغير ضرورة -كما مر-، وقال صاحب الطراز عن المختصر: لا بأس أن يتصفح بخده ما لم يلتفت لما روي عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام (كان يلحظ في الصلاة ولا يلوي عنقه خلف ظهره (٣))، رواه الترمذي وروى النسائي (أنه كان يلتفت يمينا وشمالا ولا يلوي عنقه (٤))، والحديثان ضعيفان إلا أن النظر يصحح ذلك فإنه إنما عليه أن يتوجه إلى القبلة، فإذا لم يخل ذلك باستقباله لم يكن به بأس. انتهى. قال الإمام الحطاب: ظاهر كلام صاحب الطراز أن التصفح جائز لغير ضرورة، والظاهر أن ذلك إنما هو للضرورة فأما لغير ضرورة فهو من الالتفات إلا أن الالتفات يتفاوت، فالتصفح بالخد أخف من لي العنق، ولي العنق أخف من الالتفات بالصدر.

وقد تقدم أنه يكره ولا يمنع، ولو التفت بجميع جسده حيث بقيت رجلاه إلى القبلة فتصح صلاته؛ لأنه من وسطه إلى أسفله مستقبل، وجسده أيضا في حكم المستقبل، وإنما هو منحرف يسيرا. وأما إذا استقبل برجليه جهة غير جهة القبلة كان تاركا للتوجه منصرفا عن جهة البيت، ولو حول وجهه إلى القبلة لم ينفعه ذلك، كما لو جعل ناحية (٥) خلف عقبيه ثم التفت إليها بوجهه وراء ظهره. انتهى كلام الحطاب. ومن المكروهات في الصلاة: رفع البصر إلى السماء ولو في حالة الدعاء، وفي الحديث: النهي عنه، وأن من لم ينته عن ذلك يخطف بصره، ولفظ الحديث: (لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم (٦)). انتهى. قال الأبي: وكان الشيخ ابن عرفة يقول: إنما المعنى إذا رفع لغير الاعتبار،


(١) البخاري، كئاب السهو، رقم الحديث ١٢٣٤.
(٢) أبو داود، كتاب الجهاد، رقم الحديث: ٢٥٠١.
(٣) الترمذي، كتاب السفر، رقم الحديث: ٥٨٧. بلفظ: كان يلحظ في صلاته يمينا وشمالا .. الخ.
(٤) النسائي، كتاب السهو، رقم الحديث: ١٢٠١. بلفظ: كان يلتفت في صلاته يمينا وشمالا.
(٥) في الحطاب ج ٢ ص ٢٥٣ ط. دار الرضوان: ناحية القبلة.
(٦) مسلم، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٢٩. ولفظه: لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم … الخ.