للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيف لإرساله؛ فقيس بن طلق تابعي، لم يَلْقَ النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكره الحافظ في (الطبقة الثالثة)، وقال: ((وَهِم مَن عده من الصحابة)) (التقريب ٥٥٨٠).

وبهذا أعلَّهُ البيهقيُّ، فقال: ((وهذا منقطعٌ؛ لأن قيسًا لم يشهدْ سؤال طلق. وعكرمة بن عمار أقوى مَن رواه عن قيس بن طلق، وإن كان هو أيضًا مُختلَفًا في عدالته: فاحتجَّ به مسلم بن الحَجاج في غير هذا الحديث، وتَرَكه البخاريُّ، وضَعَّفَهُ يحيى بنُ سعيد القطان في آخرين)) (المعرفة ١١٢٦).

قلنا: عكرمةُ صدوقٌ يغلطُ، وقد رواه عبد الله بن بدر عن قيس به موصولًا كما سَبَقَ، وابن بدر ثقة اتِّفاقًا، فليس كما زعم البيهقيُّ أن عكرمةَ أقوى مَن رواه عن قيس، وقد توبع ابن بدر على وصله، وقد رواه ابنُ حِبَّانَ (١١١٦) عن ابن المنذر عن الفراء به موصولًا كما تقدَّم، ولعلَّ هذا لأنه حمل رواية عكرمة على الاتصال، إذ الظاهر أن قيسًا تَحَمَّله من أبيه كما رواه غير عكرمة، والله أعلم.

وبمثل هذا الذي قررناه تَعَقب ابنُ عبدِ الهادِي على البيهقيِّ، فذكر كلامه السابق، ثم قال: ((وفي قوله نظر من وجهين:

أحدهما: مَنْع كون عكرمة بن عمار أَمْثَل مَن يرويه عن قيس.

الثاني: أنه وإن كان أمثلهم فلم يخالفهم في روايته هذا الحديث عن قيس، فإن قوله: (عن قيس أن طلقًا) محمول على الاتصال عند جمهور أهل العلم، ولا فرق بين: (عن طلق) و (أن طلقًا) على الصحيح (١)

فإنه لا اعتبار


(١) كذا قال رحمه الله، وكلامه فيه نظر؛ بل الجمهور على خلاف قوله؛ إذ رواية (عن طلق) تدلُّ على تحمله ذلك من أبيه، بينما رواية (أن طلقًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم) لا تدلُّ على ذلك مطلقًا، بل هي مرسلة، حيث إن قيسًا يحكي واقعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشهدها ولم يدركها، ولكن لو قال (أن طلقًا قال: سألت ... ) لاختلف الأمر، حيث يكون طلق هو راوي الخبر وليس قيسًا، فحينئذٍ يتنزل كلام ابن عبد الهادي الذي نقله عن الجمهور بأنه لا فرق بين (عن) و (أنَّ).

ويُنظر للمزيد من التفصيل والتأصيل لهذه المسالة: (الكفاية للخطيب البغدادي، صـ ٤١٥)، و (التقييد والإيضاح للحافظ العراقي، صـ ٧٤)، و (النكت على كتاب ابن الصلاح للحافظ ابن حجر ٢/ ٥٦٢)، و (النكت الوفية للبقاعي ١/ ٣٨٨)، و (فتح المغيث للسخاوي ١/ ١٩١).