للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أبو إسحاقَ الحربيُّ: "لم يسمعْ راشدُ بنُ سَعدٍ من ثَوْبَانَ؛ لأن ثوبانَ توفي سنة أربع وخمسين، ورَاشَدٌ توفي سنة ثلاث عشرة ومائة، وبين موتيهما تسع وخمسون سنة" (إكمال تهذيب الكمال ٤/ ٣٠٦) (١).

ولهذا أعلَّه بالانقطاعِ: ابنُ حَجَرٍ في (التلخيص الحبير ١/ ١٥٦)، وتبعه المباركفوريُّ في (تحفة الأحوذي ١/ ٢٨٧)، وقال صاحبُ (فتح الغفار ١/ ٩٧): "وفي إسنادِهِ مقالٌ".

بينما جَزَمَ البخاريُّ في (التاريخ الكبير ٣/ ٢٩٢) أنه سَمِعَ من ثَوْبَانَ، وذَكَرَ بسندٍ صحيحٍ عن صفوانَ بنِ عمرٍو، قال: "ذهبتْ عينُ رَاشدٍ يومَ صِفِّينَ".

وهذا يعني: أنه أدركَ ثَوْبَانَ إدراكًا بَيِّنًا.

ولذا تَعَقَّبَ ابنُ عبدِ الهادي قولَ أحمدَ فقالَ: "وفي هذا القولِ نظرٌ؛ فإنهم قالوا: إنَّ رَاشدًا شَهِدَ مع معاويةَ صِفِّينَ، وثَوبَانُ ماتَ سنة أربع وخمسين، وماتَ راشدٌ سنة ثمان ومائة" (المحرر في الحديث صـ ١١٤).

وقال الذهبيُّ: "وقيل: إنه شَهِدَ صِفِّينَ مع معاويةَ، فإن صحَّ هذا -وهو ممكنٌ- فقد عاشَ نحو التسعين" (سير أعلام النبلاء ٤/ ٤٩٠).

وأجابَ مغلطاي على ذلك، بأمرين: "الأولُ: تصريحُ البخاريِّ بسماعِ رَاشدٍ


(١) وفي (تهذيب التهذيب ٣/ ٢٢٦): أن أبا حاتم نفى سماعه أيضًا، وفيه نظر؛ إذ لا أصل لذلك في (المراسيل لابن أبي حاتم)، ولا في أي كتاب آخر، والذي يبدو -لنا- أن الحافظَ ذَهَلَ في ذلك حينما نقله من (إكمال مغلطاي)، إذ فيه: "وفي (العلل) للخلالِ، عن أحمدَ: لا ينبغي أن يكونَ سَمِعَ منه؛ لأن ثَوبَانَ ماتَ قديمًا. وفي (المراسيل) لابن أبي حاتم عنه -أي عن أحمدَ-: لم يسمعْ منه"اهـ. فكأنَّ الحافظَ ظنَّهُ عن أبيه، والله أعلم.