قلنا: مما هو معلومٌ في مصطلحِ هذا الفنِّ أن اختلاطَ الراوي وتغيُّرَهُ سببٌ في رَدِّ حديثِهِ عندَ جماهيرِ أهلِ العلمِ، ثم إن الحافظَ مُغْلَطاي نفْسَه توقَّفَ عن تصحيحِ الحديثِ؛ لأجلِ هذه العلةِ ذاتِها! ! وانظرْ كلامَه فيما يأتي.
وقد حَدَّثَ به عبدُ اللهِ بنُ سلِمةَ بعدما كَبِرَ وتغيَّرَ؛ قال شُعبةُ:"روَى هذا الحديثَ عبدُ اللهِ بنُ سلِمةَ بعدما كَبِرَ"(الكامل ٤/ ١٧٠).
وأسندَ ابنُ الجارُودِ عن يحيى القَطَّانِ أنه قال:"وكان شُعبةُ يقولُ في هذا الحديثِ: ((نعرِفُ ونُنكِرُ))؛ يعني: أن عبدَ اللهِ بنَ سلِمةَ كان كبِر حيثُ أدركه عَمرٌو"(المنتقى ٩٤).
قال الألبانيُّ:"ففي هذا النصِّ إشارةٌ إلى أن ابنَ سلِمةَ كان تغيَّرَ حفْظُهُ في آخرِ عمرِهِ، وأن عَمرَو بنَ مُرَّةَ إنما روَى عنه في هذه الحالةِ، فهذا مما يوهِنُ الحديثَ ويضعِّفُهُ، وقد صرَّحَ بذلك جماعةٌ من الأئمةِ ... "، ثم ذَكَرَ أقوالَهم، ثم قال:"وما قاله هؤلاء المحققون هو الراجحُ عندنا؛ لتفرُّدِ عبدِ اللهِ بنِ سلِمةَ به، وروايتِهِ إيَّاه في حالةِ تغيُّره"(الإرواء ٢/ ٢٤٢ - ٢٤٣).
قلنا: بل إن شُعبةَ كان يقولُ عن هذا الحديثِ: "واللهِ، لأُخْرِجنَّهُ من عُنقِي، ولأُلْقِينَّه في أعناقكم"(الضعفاء الكبير للعقيلي ٢/ ٢٦١).
وعليه؛ فالتمسُّكُ بتوثيقِ يعقوبَ بنِ شَيْبةَ والعِجْليِّ لا يُجْدِي ههنا.
ولكنْ صحَّ عن شُعبةَ أنه قالَ:"ليسَ أُحدِّثُ بحديثٍ أجودَ من ذَا! "(العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية عبد الله ١٥٥٦).
ويمكنُ تأويلُ قولِهِ ذلك بأن هذا الحديثَ هو أجودُ ما رواه شُعبةُ في هذا البابِ، ولا يلزمُ من ذلك أن يكونَ صحيحًا، فكم من حديثٍ جيِّدٍ قد رواه