أنه مَذْيٌ أو غيرُه بعد أن يعلمَ أن البلَّةَ ليستْ ببلَّةِ نُطفةٍ؛ لم يجبْ عليه الاغتسالُ. والأحوطُ له إذا شكَّ فلم يَدْرِ بلَّةَ نُطفةٍ أو مَذْي أن يغتسلَ. فإن أمكنه التمييزُ بينها بشَمٍّ كما قال قتادةُ فَعَل، فإن رائحةَ نُطفةِ الرَّجُل تُشبِه رائحةَ الطَّلْع" (الأوسط ٢/ ٨٦).
وقال الخطابي: "ظاهر هذا الحديث يوجب الاغتسال إذا رأى البِلَّة وإن لم يتيقن أنها الماء الدافق. ورُوي هذا القول عن جماعة من التابعين هم عطاء والشعبي والنخعي، وقال أحمد بن حنبل: أعجب إليّ أن يغتسل إلاّ رجلا به إبردة (١).
وقال أكثر أهل العلم: لا يجب عليه الاغتسال حتى يعلم أنه بلل الماء الدافق، واستحبوا أن يغتسل من طريق الاحتياط.
ولم يختلفوا: أنه إذا لم ير الماء وإن كان رأى في النوم أنه قد احتلم فإنه لا يجب عليه الاغتسال.
وقوله:(النساء شقائق الرجال) أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع فكأنهن شققن من الرجال.
وفيه من الفقه: إثبات القياس وإلحاق حكم النظير بالنظير، وأن الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابًا للنساء إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها" (معالم السنن ١/ ٧٩).
(١) الإِبْرِدَةُ - بكسر الهمزة والراء-: علة معروفة من غلبة البرد والرطوبة تفتر عن الجماع. (النهاية لابن الأثير ١/ ١٤). وقيل: "الإِبْرِدَةُ: بَرْدٌ فِي الْجَوْفِ. ورجل به إبردة، وهو تقطير البول ولا ينبسط إلى النساء. (لسان العرب ٣/ ٨٣).