كلاهما (ابن وهب، وقتيبة) عن الليث بن سعد عن يزيد، به، وفي رواية قتيبة عن يزيد وحده.
ففي هذه الرواية أسقطَ الليثُ ما بين يزيد بن أبي حبيب ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وذَكَرَ التَّيَممَ.
والليثُ بنُ سعدٍ أوثقُ ممن تقدَّمَ وأثبتُهم في يزيدَ بنِ أبي حَبيبٍ، لا جرم قال أحمد:((ليس بمتصل الإسناد)).
قلنا: نظرًا لهذا الاختلافِ على يزيدَ في السندِ والمتنِ، اختلفتْ نظرةُ النقادِ في العملِ بمقتضى أحدهما؛ فمَن ترجَّحَ لديه رواية يزيدَ في التيممِ، مع ما يعضدها من شواهد، منها ما ذكره أبو داود عقب الحديث فقال:((وروى هذه القصة عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية قال فيه: ((فَتَيَمَّمَ)))). آخذًا بها في جواز التيمم خشية البرد، وإمامة المتيمم بالمصلين.
فقال أبو طالب:((سألتُ الإمامَ أحمدَ عن الجنبِ يؤمُ المتوضِّئينَ؟ قال: نعم، قد أَمَّ ابنُ عباسٍ -يعني: أصحابَه- وهو جنبٌ، فتيمَّمَ، وعمرو بن العاص صلَّى بأصحابِهِ وهو جنبٌ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فتبسم. قلت: حسان بن عطية سمع من عمرو؟ قال: لا، ولكن يُقَوَّى لحديث ابن عباس. وقال: نقل عنه أنه ذكر ما روى عن عمرو فقال: ليس بمتصل الإسناد)) نقلًا مِن (شرح ابن ماجه لمغلطاي ٢/ ٣٤٢).
وعلَّقه البخاريُّ (١/ ٧٧) تحت: "باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت، أو خاف العطش، تيمم، فقال: ويُذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة، فتيمم وتلا:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، فذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف".