قلنا: هكذا مال مغلطاي إلى تصحيح الحديث، مُعْرِضًا عن العلة الأولى، وكأنه اعتمد قول مَن وَثَّق حكيمًا، ومجيبًا عن العلة الثانية، بحمل عنعنة طريف على السماع؛ لإدراكه أبا هريرة، وإمكان لقيه مع عدم التدليس. وهذا ليس بشيء، فهذا خِلَاس الهَجَري قد أدرك أبا هريرة وعليًّا، وليس بمدلس، ومع ذلك جزم الإمام أحمد بأنه لم يسمع منهما، وكذا كان أناس من التابعين لا يُعرفون بتدليس، وكانوا يروون - إرسالًا - عن بعض الصحابة الذين لم يسمعوا منهم، مع إدراكهم لهم، فلعل هذا منهم.
ويدل عليه أن البخاري قال في ترجمة طريف:((سمع أبا موسى، وعن أبي هريرة)) (التاريخ الكبير ٤/ ٣٥٥).
فأثبت سماعه لأبي موسى المتوفى سنة (٥٠ هـ)، وتوقف في سماعه من أبي هريرة المتوفى سنة (٥٧ هـ)، فهو لم يَخْفَ عليه إدراكه لأبي هريرة، ومع ذلك أعل الحديث بعدم ثبوت السماع. فالظاهر أن البخاري رأى أنه من المحتمل أن يكون أرسل عن أبي هريرة.
وليُعلم أن طريفًا لم يثبت سماعه من عثمان وعلي وطلحة والزبير وأُبي بن كعب كما يوحيه كلام مغلطاي.
هذا وقد صحح سنده أيضًا الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لـ (سنن الترمذي ١/ ٢٤٤)، والألباني في (الإرواء ٧/ ٦٨)، ولم يتعرضا لعلة الانقطاع بشيء، واقتصرا على بيان ما ورد من توثيق في حكيم.
بل قال الألباني:((وإن قال البخاري: (لا يتابَع في حديثه) يعني هذا، فلا يضره ذلك لأنه ثقة))! !