أَقْرَائِكِ)) ... ونحو هذا، فليس فيه حجة؛ لأن الحيض قد يسمى قرءًا، ولسنا ننازعهم في ذلك، ولكنا ننازعهم أن يكون الله عز وجل أراده بقوله:{يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
على أن هذا الحديث قد ضَعَّفه أهل العلم؛ لأنه يُروى عن عائشة، وعائشة لم يُختلَف عنها في أن الأقراء الأطهار، فيَبعد عن عائشة أن تَروي عن النبي عليه السلام أنه قال للمستحاضة:((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ))، وتقول: الأقراء: الأطهار.
فإن صح عن عائشة فهو حجة عليهم؛ لأن عائشة تكون حينئذٍ أخبرت بأن القرء الذي يمنع من الصلاة ليس هو القرء الذي تعتد به من الطلاق. وكفى بتفرقة عائشة بين هذين حجة)) (التمهيد ١٥/ ٩٨).
وقال البيهقي:((والذي رُوِي مرفوعًا: ((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ)) لم يَثبت إسناده. ورُوِي أنه أَمَرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها- أو: أيام حيضها، بالشك)) (السنن الصغرى ٢٧٨٢).
وقال أيضًا:((وقد رُوِي هذا اللفظ الذي احتجوا به في أحاديث ذكرناها في كتاب الحيض، وتلك الأحاديث في نفسها مختلف فيها: فبعض الرواة قال فيها: ((أَيَّامَ أَقْرَائِهَا)) وبعضهم قال فيها: ((أَيَّامَ حَيْضِهَا)) أو ما في معناه. وكل ذلك من جهة الرواة، كل واحد منهم يعبر عنه بما يقع له. والأحاديث الصحاح متفقة على العبارة عنه بأيام الحيض دون لفظ الأقراء)) (السنن الكبرى عقب رقم ١٥٤٨٢). وقد تعقبه ابن التركماني بما ورد في الطرق الواهية المشار إليها آنفًا، وبالروايات التي اختلف رواتها فيها كما ذكره البيهقي نفسه، وبالرواية التي ردها الشافعي وغيره في قصة أم حبيبة، ثم قال:((فظهر بهذا أن الأحاديث الصحيحة وقعت بلفظ الأقراء أيضًا))! ! (الجوهر