حدَّثتَ به ليس ها هنا في هذا الكتاب حديثٌ من حديثِكَ، ولا سمعتَها أنت قط؟ ! قال: فما أصنعُ بهم يجيئون بكتاب فيقولون هذا من حديثك فأحدّثهم به؟ ! )) (المجروحين ١/ ٥٠٦). وسيأتي مزيد بيان لذلك من أقوال الأئمة.
قلنا: ولهذا كان الذي عليه المحققون من أئمة الحديث وجهابذته: كأحمدَ، وابنِ معين، وأبي حاتم، وأبي زُرْعَةَ، والبخاريِّ، ومسلمٍ، وغيرِهم، ممن سبقهم وممن أَتى بعدهم؛ عدمُ الاحتجاجِ به إذا انفرد مطلقًا، سواء في ذلك رواية المتقدمين عنه ورواية المتأخرين، إِلَّا أَنَّ روايةَ العبادلةِ عنه أعدلُ من غيرِها وأَجودُ، وهي صالحةٌ للاعتبارِ والشواهدِ، لا للاحتجاج.
وإليك بعضُ أقوالهم الدالة على ما ذكرنا:
* قال عبد الرحمن بن أبي حاتم:((قلت لأبي: إذا كان من يروي، عن ابن لهيعة مثل: ابن المبارك، وابن وهب يحتجُّ به؟ قال: لا)).
* قال عبد الرحمن:((سُئِلَ أبو زُرْعَةَ: عن ابن لهيعة سماع القدماء منه، فقال: آخره وأوله سواء، إِلَّا أَنَّ ابنَ المبارك، وابنَ وهبٍ كانا يتتبعان أصوله فيكتبان منه، وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ، وكان ابنُ لهيعةَ لا يضبط، وليس ممن يحتجُّ بحديثه من أجمل القول فيه)) (الجرح والتعديل ٥/ ١٤٧ - ١٤٨).
وقال أبو زُرْعَةَ أيضًا:((لم تحترق كتبه، ولكن كان رديء الحفظ)) (الضعفاء له - رواية البرذعي ٢/ ٣٤٦).
وعلى هذا جرى عملهما -أعني: أبا زُرْعَةَ، وأبا حاتم- في إعلال أحاديث ابن لهيعة دون تفريق بين العبادلة وغيرهم، انظر المسائل التالية من