قلنا: فمع قوله أن روايةَ العبادلة أصحُّ من روايةِ غيرِهم أطلقَ الضَّعْفَ، وفي هذا دليلٌ واضحٌ على ما ذكرنا من أنهم أرادوا بالصحة (الصحة النسبية) أي: أن روايتَهم أصحُّ من غيرهم وأخفَّ ضعفًا، لا أنها صحيحة في ذاتها. فتأمل.
* وقال ابنُ حبان:((قد سبرتُ أخبارَ ابنِ لهيعةَ من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيتُ التخليطَ في رواية المتأخرين عنه موجودًا. وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيرًا، فرجعتُ إلى الاعتبار فرأيتُه كان يدلِّسُ عن أقوامٍ ضَعْفَى، عن أقوامٍ رآهم ابنُ لهيعةَ ثقات، فالتزقتْ تلك الموضوعات به ....
وأما روايةُ المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة وذاك أنه كان لا يَبالي ما دُفع إليه قَرَأَهُ سواء كان ذلك من حديثِهِ أو غير حديثه.
فوجبَ التنكب عن روايةِ المتقدمين عنه قبلَ احتراقِ كتبه لما فيها من الأخبار المدلَّسة عن الضعفاء والمتروكين، ووَجَبَ ترك الاحتجاجِ برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه لما فيه مما ليس من حديثه)) (المجروحين ٢/ ١١ - ١٣).
* وذكره الدارقطنيُّ في ((الضعفاء والمتروكين))، وقال:((يُعْتَبرُ بما يَروي عنه العبادلةُ: ابنُ المبارك، والمقرئُ، وابنُ وهب)) (الضعفاء والمتروكون ٣١٩). وهذا يعني: أن روايةَ غيرهم مما لا يُعتبر بها، لكونها ليستْ من حديثه، على ما بيَّنَّاه آنفًا.
* ونَقَلَ الإجماعَ على ذلك البيهقيُّ، فقال:((وقد أجمعَ أصحابُ الحديثِ على ضَعْفِ ابنِ لهيعةَ، وتركِ الاحتجاجِ بما يَنْفَرِدُ به)) (معرفة السنن والآثار ٩/