قلنا: ومع توثيق من ذكرنا من الأئمة، لا بدَّ من تأويل كلام ابن معين وابن المديني، على إرادة الخطأ وَالْوَهْمِ، وهي من معاني الكذب في لغة العرب.
ولكن مثله وإن مشينا حديثه في الجملة، لا يمكن قبوله هنا، وقد انفرد عن يحيى برواية الحديث عن شعبة، وقد رواه أحمد وغيره من الحفاظ، عن يحيى القطان، عن سعيد بن أبي عروبة -وحده- به، كما تقدم. ولو كان عنده الحديث عن شعبة أيضًا ما تخلفوا عن روايته عنه، وقد ذكر الإمام الترمذي أن سعيدًا لم يُتابع عليه، والله أعلم.
وأما المتابعة القاصرة:
فأخرجها أبو عروبة الحراني في (جزء له ٢٣)، والطبراني في (المعجم الكبير ٥١١)، والدارقطني في (الأفراد) كما في (الأطراف ١/ ١٤٦): كلهم من طريق إسحاق بن إدريس، عن أبان بن يزيد، عن مطر الوراق، به.
قال الدارقطني -عقبه-: ((تفرَّد به إسحاق بن إدريس، عن أبان بن يزيد العطار، عن مطر عنه)).
قلنا: إسحاق بن إدريس هذا، هو الأسواري، قال عنه ابن معين:((كذَّاب يضعُ الحديث))، وقال البخاري:((تركه الناس))، وقال النسائي:((متروك))، وقال ابن حبان:((كان يسرق الحديث))، وَوَهَّاهُ أبو زُرْعَةَ، وأبو حاتم، والدارقطني، وغيرهم، انظر:(لسان الميزان ٢/ ٤١).
وعليه فهذه متابعة واهية لا تساوي فلسًا، فضلًا عن ضعف مطر، ولهذا قال البزار -في معرض إعلاله للرواية المرفوعة-: ((أما حديث مطر، عن أبي المليح، عن أبيه؛ فلم يروه إِلَّا أبان، ولا نعلم رواه عن أبان إِلَّا إسحاق