وَتَعْلَمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ((نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ))؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: بَلَى، إِنَّهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالُوا: لَا نَعْلَمُهُ)).
وهذا إسنادٌ رجالُه ثقاتٌ غير شيخ ابن جريج فلا يدرى من حدَّثه، ولكن وصفه له بالصدق مع متابعة من سبق مما ترفع من شأنه وتغض عن جهالته، والله أعلم.
قلنا: وقد أجاب بعض الباحثين عن كلام ابن حزم المتقدم بكلام طيب فقال: ((قوله: إنه سمع النهي عن ركوب جلود النمور دون المتعة؛ بعيد جدًّا، ولا يوافقه نقل ولا عقل، أما النقل: فالمثبت في الرواية ذكر (المتعة) دون واسطة بين أبي شيخ ومعاوية، وعكسه الحاصل، وجود الواسطة عند عدم ذكر (المتعة).
وأما العقل: فبعيد جدًّا عند ذوي الحجى أن يكون سمع الخبر هو بنفسه، ثم بواسطة حمان أو غيره بزيادة: ذكر (المتعة)، فيروي الذي سمعه هو بذكر الواسطة، ويطرحها إذا رَوى الزيادة التي من طريق الواسطة.
ثم كيف يصحُّ أن يكون سمع الخطبة هو، ثم يخبره غيره بما لم يسمع منها، لا سيَّما مع المناقشة والسؤال الحاصل بين معاوية والناس، وبالأخصِّ مع رفض الناس لسماع ذلك. والسؤال عن المتعة إنما هو بعد السؤال عن لبس الذهب والحرير والجلود، فاستبعدنا أن يكون حضر بعد السؤال عن المتعة، وليس بين السؤال عن هذه المسائل ما يتيح المغادرة، فهو مستبعد جدًّا، والتحكم والقطع في مثل هذا لا يدرك بما هو مستبعد الحصول، وهو محتاج لبراهين، لا لتخامين)) انظر (الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يَفْتِ بها الفقهاء للشيخ عبد السلام علوش صـ ٣٥٢).