للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أيضًا: ((وحكى البيهقي عن موسى بن هارون - أو غيره - أن الذي جعل السلسلة هو أنس؛ لأن لفظه: ((فَجَعَلْتُ مَكَانَ الشَّعِبِ سِلْسِلَةً))، وجزم بذلك ابن الصلاح. قلت: وفيه نظر؛ لأن في الخبر عند البخاري عن عاصم قال: وقال ابن سيرين: (إنه كان فيه حلقة من حديد فأراد أنسٌ أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة فقال أبو طلحة: لا تغيرن شيئًا صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهذا يدل على أنه لم يغير فيه شيئًا)) (التلخيص الحبير ١/ ٨٥).

وقال بنحو هذا الكلام حسين المغربي في (البدر التمام شرح بلوغ المرام ١/ ١٥٠)، وانظر (سبل السلام للصنعاني ١/ ٤٦)، و (نيل الأوطار ١/ ٩٣)، و (إرواء الغليل ١/ ٧١).

وقال الزركشي - بعد ذكر كلام البيهقي -: ((وإنما يجيء الوهم إذا ضبط الرواة (جَعلتُ) مبنيًا للفاعل، أما إن لم يضبطوا ذلك فيحتمل البناء للمفعول، وإذًا لا يتعين أن يكون الفاعل هو أنس رضي الله عنه، بل يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الفاعل، وهذا أولى، لموافقته رواية البخاري، ثم على البناء للفاعل ليس فيه أن ذلك كان بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فيجوز أن يكون في حياته بأمره، ثم تارة أضاف الفعل إلى نفسه لأنه الفاعل حقيقة، وتارة أضافه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأمره بذلك، كما يقال: بنى الأمير المدينة، ونحو ذلك، وعاصم فيه كلام، ثم قوله: (فسلسله) ليس فيه أن ذلك بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فيجوز أن يكون في حياته، وأضاف الفعل إليه كما تقدم، وبالجملة الإجماع فيه كفاية، على أنا نقول بحجية قول الصحابي، وتخصيصه للعموم)) (شرح الزركشي على مختصر الخرقي ٦/ ٤٠٠).

قلنا: واللفظة التي استدل بها البيهقي، وهي قوله في الحديث: ((جعلت))