سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة مقتصرًا على فضيلة الصوم (١).
وإسنادُهُ تالفٌ؛ فيه علتان:
الأُولى: علي بن بشر الأصبهاني؛ كذَّبَهُ الحافظُ أبو الحجاجِ الفِرْسانيُّ. وضَعَّفه أبو الشيخِ. وقال أبو نعيم:"في حديثِهِ نكارةٌ"(اللسان ٥٣٣٧). وقال الذهبيُّ:"كان متروكًا، فإنه رَوى عن يزيد بن حميد عن أنسٍ رفعه:«رَأَيْتُ فِي الجَنَّةِ ذِئْبًا ... » الحديث"(التاريخ ٥/ ٨٨٦). وحديثُ الذِّئبِ هذا من بلاياه كما قال ابنُ حَجرٍ في (اللسان ٥٣٣٧).
الثانيةُ: نوحُ بنُ يعقوبَ الأشعريُّ، في عدادِ المجهولينَ، ترجَمَ له أبو الشيخِ في (الطبقات ٢/ ٣٠٣)، وأبو نُعَيمٍ في (تاريخ أصبهان ٢/ ٣٠٧)، ولم يذكرا فيه جَرحًا ولا تَعديلًا، ولا ذكرا فيمن روى عنه سوى ابن بشر! وساقا له هذا الحديث.
ولذا قالَ الألبانيُّ:"هذا إسنادٌ ضعيفٌ منكرٌ؛ نوحُ بنُ يعقوبَ لا يُعرفُ؛ لم يزدْ أبو نعيمٍ في ترجمته على أنه ساقَ له هذا الحديث، والآفةُ من علي بن بشر؛ فقدِ اتُّهِمَ بالكذبِ"(الضعيفة ١٤/ ١٢٣٣).
فهذه هي طرقُ الحديثِ، عامَّتُهَا شديدةُ الوهَاءِ، مع تفاوت متعدد في سياقاتها؛ ولذا قال الألبانيُّ عنه: "منكرٌ جدًّا، اضطربَ فيه الرواةُ سندًا ومتنًا، واتفقَ الحفاظُ المتقدمونَ ومَن سارَ سيرهم من المتأخرين- على استنكاره وتضعيفه، وخالفهم بعضُ المتأخرين ضاربين بذلك القواعد العلمية، التي منها أن الحديثَ لا يتقوَّى بالطرقِ الواهيةِ، ولا بالمضطربِ إسنادًا ومتنًا،