قال: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: ((أَوْجَبَ طَلْحَةُ)) حِينَ صَنَعَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا صَنَعَ، يَعْنِي حِينَ بَرَكَ لَهُ طَلْحَةُ فَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ظَهْرِهِ.
فقوله:((يعني)) يدل على أنَّ قصة الصعود على ظهر طلحة ليست من حديث الزبير، وقد بيّن ذلك أبو يعلى في (مسنده ٦٧٠) بيانًا شافيًا:
فرواه عن زهير بن حرب، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، بسنده إلى الزبير، قال: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَومَئذٍ: ((أَوْجَبَ طَلْحَةُ)) حِينَ صَنَعَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا صَنَعَ ((قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ نَهَضَ إِلَى صَخْرَةٍ مِنَ الْجَبَلِ لِيَعْلُوَهَا، وَكَانَ قَدْ بَدُنَ وَظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ، فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَنْهَضَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ جَلَسَ تَحْتَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَنَهَضَ حَتَّى اسْتَوَى عَلَيْهَا)).
قلنا: وابن المبارك وإبراهيم بن سعد ثقتان ثبتان، بينما جرير بن حازم له أوهام إذا حدَّث من حفظه، ويونس بن بكير قال فيه أبو داود:((ليس هو عندي حجة، يأخذ كلام ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث)) (تهذيب التهذيب ١١/ ٤٣٥). وهو ما فعله هنا! .
فلو اقتصر الأمر على ذلك، لكانت رواية ابن المبارك وإبراهيم أولى من رواية جرير ويونس، فكيف وقد رواه محمد بن سلمة الحراني، وزياد بن عبد الله البكائي، وسلمة بن الفضل عن ابن إسحاق، فجعلوا قصة الصعود على ظهر طلحة، وقصة علي أيضًا من قول ابن إسحاق بلا سند، والمرفوع بسنده إلى الزبير هو قوله:((أَوْجَبَ طَلْحَةُ)) فقط.
فأما رواية محمد بن سلمة فهي في (سيرة ابن إسحاق ٣/ ٣١٠، ٣١١)،