وَغَسَلَ فَرْجَهُ، وَلَمْ يَغْسِلْ قَدَمَيْهِ» فهذا وضوءٌ غيرُ تامٍّ. وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في ذلك بوضوء تام، فلا يكون هذا إلا وقد ثبتَ النسخُ لذلك عنه" (شرح معاني الآثار ١/ ١٢٨).
قال العينيُّ مبينًا مراد الطحاوي: "أي: من جملة ما يدلُّ على نسخِ الوضوءِ التامِّ للجنبِ إذا أراد أن يأكل: ما رُوي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: «إِذَا أَجْنَبَ الرَّجُلُ، ... إلى آخره»، فإن قولَهُ هذا بعد علمه أن النبي عليه السلام أمر بالوضوء التام للجنب وذلك في جواب النبي عليه السلام لعمرَ بنِ الخطابِ لما سأله عليه السلام: أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:«نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ»، وفي رواية:«وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» على ما مَرَّ عن قريب في هذا الباب- يدلُّ على ثُبوتِ النسخِ عنده؛ لأن الراوي إذا روى شيئًا عن النبيِّ عليه السلام أو عَلِمه منه، ثم فعلَ أو أَفتى بخلافه يَدُلُّ على أن ذلك قد انتسخ، إذ لو لم يثبتا ذلك لما كان له الإقدام على خلافه، ثم إسناد ما رُوي عن ابن عمر صحيح" (نخب الأفكار ٢/ ٥٦٥).
وقد أجابَ الزرقانيُّ عن قولِ الطحاويِّ هذا؛ فقال: "جَنَحَ الطحاويُّ إلى أن المرادَ بالوضوءِ التنظيفُ، واحتجَّ بأن ابن عمر راوي الحديث وهو صاحب القصة كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه كما في (الموطأ).
وأجيب بأنه ثبت تقييد الوضوء بأنه كوضوء الصلاة من روايته ومن رواية عائشة كما تقدم، فيعتمد، ويُحمل ترك ابن عمر على عذر.
وقال -أيضًا-: وقد ذكر بعضُ العلماءِ أنه -أي: ابن عمر- فُدِعَ في خيبر في رجليه فكان يضره غسلهما" (شرح الزرقاني على موطأ مالك ١/ ٢٠٣).
وبنحوه قال ابنُ حَجرٍ في (فتح الباري ١/ ٣٩٤)، وذكر كلامَ الحافظ