وأما العلة الثانية: فباطلة أيضًا؛ فإن التِّرْمِذيّ رواه من طريقِين إلى حسان، أحدهما عنِ ابنِ أبي عُمرَ، عن سفيانَ، عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عن قتادةَ، عن حسان، عن عمار. والثاني عنِ ابنِ أبي عُمرَ، عن سفيانَ بن عُيَيْنةَ، عن عبد الكريم بن أبي المُخارِقِ، عن حسان، قال: رَأَيتُ عَمَّارًا تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ، وفيه:" وَلَقَدْ رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ"(تهذيب السنن ١/ ٢٢٨ - ٢٢٩).
وبنحو هذا رَدَّ مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ ١/ ٤١٠) إعلالَ ابن حزم.
وهو مسَلَّمٌ، إلا أن قوله:"رأيت عمارًا" إنما جاء من رواية عبد الكريم، وهو ضعيفٌ سيِّئ الحفظ؛ فلا يُعتد بروايته في ذلك.
ولكن قال البُخاريُّ في ترجمة حسان:"رأى عمارًا"(التاريخ الكبير ٣/ ٣١).
وسأل حربٌ ابنَ راهُويَهْ عن التخليل، فقال:"سُنَّة"، وذكر له حديثَ عبد الكريم في مَعرِض الاحتجاج به في تصريح حسان بسماعه له من عمار، ذكره مُغْلَطاي، ثُمَّ قال:"وهو رَدٌّ على من نفاه"(شرح ابن ماجَهْ ١/ ٤١٣).
يشير إلى ابن حِبَّانَ وابنُ حزم، فإن الأول قد شكَّكَ في (الثِّقات ٤/ ١٦٤) في سماع حسان من عمار، ولَمَّا ذكره مُغْلَطايُ في (شرح ابن ماجَهْ)، ردَّه بما سبقَ، مع أنه تَعَقَّبَ المِزِّيَّ في (الإكمال ٤/ ٥٥) بكلام ابن حِبَّانَ وابنُ حزم! .
ومما ينبغي ذكره في دفع هذه العلة: ما رواه الدَّارَقُطنيُّ عن الحافظ جعفر الطَّيالِسيِّ، قال:"سمِع حسانُ بن بلال من عائشةَ وعمار" (السنن ١/ ٢٢١