السيوطي: قال الشيخ ولي الدين: ومطيع بصري، قال الذهبي:"إنه لا يُعرف"، لكن قال زيد بن الحُبَاب إن شعبة دله عليه، وشعبة لا يروي إلا عن ثقة، فلا يدل إلا على ثقة، وهذا هو المقتضى لسكوت أبي داود عليه. انتهى" (عون المعبود ١/ ٢٢٨).
قلنا: هذا الكلام فيه نظر؛ فدلالة شعبة لزيد على مطيع ليس معناها أنه حسن الرأي فيه أو أنه ثقة عنده؛ فقد يدله عليه لغرائب يتفرد بها، وكان بعض الرواة يحرص على سماع الغرائب ليغرب بها على أقرانه، كما هو الحال هنا في تفرد زيد بهذا الحديث.
ولو كان حسن الرأي في مطيع هذا لماذا لم يَرْوِ عنه؟ !
ثم إن رواية الثقة عن رجل - لا تعد تعديلًا له على الراجح، فكيف بمجرد الدلالة عليه، فمن باب أَوْلى ألا تعد تعديلًا له.
وقد قال الترمذي: "قد روى عن أبان بن أبي عياش غير واحد من الأئمة، وإن كان فيه من الضعف والغفلة ما وصفه أبو عوانة وغيره؛ فلا يغتر برواية الثقات عن الناس؛ لأنه يروى عن ابن سيرين أنه قال: إن الرجل يحدثني فما أتهمه ولكن أتهم من فوقه" (العلل الصغير بآخر السنن ٥/ ١٥٦).
قال ابن رجب: "ما ذكره الترمذي - رحمه الله - يتضمن مسائل من علم الحديث؛ أحدها: أن رواية الثقة عن رجل لا تدل على توثيقه، فإن كثيرًا من الثقات رووا عن الضعفاء، كسفيان الثوري وشعبة وغيرهما. وكان شعبة يقول:(لو لم أحدثكم إلا عن الثقات لم أحدثكم إلا عن نفر يسير). وقال يحيى القطان:(إن لم أَرْوِ إلا عمن أرضى ما رويت عن خمسة، أو نحو ذلك) " (شرح علل الترمذي ١/ ٣٧٦).