بعد التحقيق بين روايتهما ورواية هشام، ولو سلمنا - جدلًا - صحة القول عنهما بالرفع لكان قول من وقفه هو الصواب لما تقدَّم من أن علي بن نصر ساق المتن كاملًا وأسنده في الكلب ووقفه في الهِرِّ خاصة - وقريب من هذا صنيع هشام بن حسان - وهذا يدلُّ على زيادة تحري، ولا يستقيم حينئذٍ ادِّعَاءُ أن الراوي لم ينشط لرفع الحديث، وبهذا ردَّ البيهقي على الطحاوي فقال:((وزعم الطحاوي أن حديث قُرَّة عن ابن سيرين عن أبي هريرة في (ولوغ الهر) عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح، ولم يعلم أن الثقة من أصحابه قد ميزه عن الحديث، وجعله من قول أبي هريرة)) (معرفة السنن والآثار ٢/ ٧١).
ولعلَّ مما يشهد لكلامنا أن الشيخين خرَّجا حديث أبي هريرة من غير طريق ابن سيرين في الكلب فقط وليس فيه ذكر الهر، بل إنَّ مسلمًا خرَّجه من طريق ابن سيرين أيضًا وليس فيه ذكر الهر، وأما ما ذكره الطحاوي من أن كل حديث عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوع؛ فردَّه الحافظ في (الدراية ١/ ٦٢)، والله أعلم.