الموضع الأول: قوله في أسيد بن زيد -وهو ابنُ نَجيح الجَمَّال-: "لم يكن به بأس".
فهذا تساهلٌ غير مقبول؛ إذ أطبقتْ كلمةُ النقادِ على تضعيفه، ومنهم من جرحه جرحًا شديدًا! ! قال ابنُ مَعِينٍ:"أسيد الجمال كذابٌ، ذهبتُ إليه إلى الكَرْخ ونزلتُ في دار الحَذَّائين، فأردتُ أن أقولَ له: يا كذاب! ففَرِقتُ من شِفَارِ الحذائين"(تاريخ الدوري ١٩١٤)، وقال ابنُ الجارود:"كذابٌ"، وقال النسائيُّ:"متروكُ الحديثِ"(الضعفاء والمتروكون ٥٤)، وقال ابنُ حِبَّانَ:"يَروي عن شريكٍ، والليثِ بنِ سَعْدٍ، وغيره منَ الثقاتِ المناكيرَ، ويسرقُ الحديثَ ويُحَدِّثُ به"(المجروحين ١/ ٢٠٤)، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"يتبينُ على رواياته الضعفُ ... وعامةُ ما يرويه لا يُتابَعُ عليه"، وقال الخطيبُ:"كان غير مَرضي"(التهذيب ٣/ ٢٤٠، ٢٤١)، وذَكَره أبو العربِ، والعُقيليُّ، والبلخيُّ، وابنُ شَاهينَ في الضعفاء (الإكمال لمغلطاي ٢/ ٢٢٠)، ولذا قال ابنُ ماكولا:"ضَعَّفُوهُ"(الإكمال ١/ ٥٦)، وتساهلَ ابنُ حَجرٍ فقال:"ضعيفٌ، أفرطَ ابنُ مَعِينٍ فكَذَّبه"(التقريب ٥١٢).
وقد عَقَّبَ ابنُ دَقيقٍ في (الإمام ٢/ ٤٠٢، ٤٠٣) على كلمةِ البزارِ تلك - بأن ابنَ مَعِينٍ تكلَّم فيه، بينما أخرجَ له البخاريُّ.
قلنا: قال الحافظُ: "لم أَرَ لأحدٍ فيه توثيقًا، وقد روى عنه البخاريُّ في كتاب الرقاق حديثًا واحدًا مقرونًا بغيرِهِ"(مقدمة الفتح، صـ ٣٩١).
ثم إن قولَ البزارِ:"لم يكن به بأس" يدفعه قوله في الموضع الأول: "حَدَّثَ بأحاديثَ لم يُتابَعْ عليها"، فكيفَ لا يكونُ به بأس مع ذلك؟ !