للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ يَرَى جَوَازَ إخْرَاجِ الْقِيمَة فِي الزَّكَاةِ بِصِحَّةِ الْإِخْرَاجِ أَوْ بِمُوجِبِ الْإِخْرَاجِ عِنْدَهُ، وَهُوَ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِذَلِكَ كَانَا سَوَاءً فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلسَّاعِي أَنْ يَطْلُبَ الْمَالِكَ بِإِخْرَاجِ الْوَاجِبِ عِنْدَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِهِ. وَمِنْهَا: إذَا تَرَافَعَ الْوَلِيُّ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ إلَى حَكَمٍ يَرَى صِحَّةَ الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ فَطَلَبَ الْوَصِيُّ أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ وَامْتَنَعَ الْوَارِثُ وَصَامَ عَنْ الْمَيِّتِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ الصَّوْمِ أَوْ بِمُوجِبِهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ مُطَالَبَةُ الْوَارِثِ.

تَنْبِيهٌ: إذَا كَانَ الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ مُسْتَوْفِيًا لِمَا يُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ كَانَ أَقْوَى؛ لِوُجُودِ الْإِلْزَامِ فِيهِ وَتَضَمُّنِهِ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ.

[فَصْلٌ قَدْ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْمُوجِبِ وَالْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ]

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا شَهِدَتْ عِنْدَهُ الشُّهُودُ بِأَنَّ هَذَا وَقْفٌ وَذَكَرُوا الْمَصْرِفَ عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّنٍ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِمُوجِبِ شَهَادَتِهِمْ، كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مُتَضَمِّنًا لِلْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَأَنَّهُ الَّذِي جَرَى بِهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ يُخَالِفُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا فِي الْقِسْمَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأَيْدِي جَمَاعَةٍ أَرْضٌ أَوْ غَيْرُهَا فَجَاءُوا إلَى الْحَاكِمِ وَطَلَبُوا مِنْهُ الْقِسْمَةَ وَلَمْ يُثْبِتُوا أَنَّهَا مِلْكُهُمْ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يُجِيبَهُمْ، وَيَقُولَ لَهُمْ إنْ شِئْتُمْ فَاقْسِمُوا بَيْنَ أَنْفُسِكُمْ أَوْ يَقْسِمُ بَيْنَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ، وَإِنْ شِئْتُمْ قَسْمِي فَأَقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى أُصُولِ حُقُوقِكُمْ مِنْهَا، وَذَلِكَ أَنِّي إنْ قَسَمْت بِلَا بَيِّنَةٍ وَجِئْتُمْ بِشُهُودٍ يَشْهَدُونَ أَنِّي قَسَمْت بَيْنَكُمْ هَذِهِ الدَّارَ إلَى قَاضٍ غَيْرِي كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لَأَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنِّي لَكُمْ بِهَا، وَلَعَلَّهَا لِغَيْرِكُمْ لَيْسَ لَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلَا يَقْسِمُ الْحَاكِمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَهَذَا النَّصُّ لِلْمَالِكِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ، قَالَ: وَقِيلَ يَقْسِمُ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ وَيُشْهِدُ أَنَّهُ قَسَمَ عَلَى إقْرَارِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: وَعَلَى هَذَا فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمُوجِبِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الشُّرُوطَ الْمَطْلُوبَةَ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>