للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَرْطِ التَّصْدِيقِ]

وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ: اُخْتُلِفَ فِي شَرْطِ التَّصْدِيقِ، هَلْ يَنْتَفِعُ بِهِ مُشْتَرِطُهُ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ يَنْفَعُهُ، وَقِيلَ لَا يَنْفَعُهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ مُشْتَرِطُهُ مَأْمُونًا يَعْرِفُهُ بِالْحَالَةِ الْحَسَنَةِ نَفَعَهُ الشَّرْطُ، وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْهُ.

مَسْأَلَةٌ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ بِالدَّيْنِ، فَيَشْتَرِطُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي أَصْلِ الْمُعَامَلَةِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَى الْقَضَاءِ دُونَ يَمِينٍ تَلْزَمُهُ، ثُمَّ يَدَّعِي الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ رَهَنَهُ بِالدَّيْنِ رَهْنًا، أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ، أَوْ أَنْظَرَهُ بِهِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِتِلْكَ الْمُعَامَلَةِ، أَوْ تَغَيَّبَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ يَمُوتَ، فَيُكَلِّفُ الْقَاضِي صَاحِبَ الدَّيْنِ يَمِينَ الِاسْتِبْرَاءِ أَنَّهُ مَا وَهَبَهُ وَلَا تَصَدَّقَ، وَلَا ارْتَهَنَ بِهِ مِنْهُ رَهْنًا، وَلَا اسْتَحَالَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا أَحَالَ بِهِ عَلَيْهِ أَحَدًا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي، إلَّا أَنْ يَقُولَ فِي الشَّرْطِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي الِاقْتِضَاءِ وَفِي جَمِيعِ أَسْبَابِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ، دُونَ يَمِينٍ تَلْزَمُهُ، فَتَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لِابْنِ الْعَطَّارِ، قَالَ: إذَا قَامَ الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِ دَيْنِهِ وَهُوَ غَائِبٌ فَوَجَبَ لَهُ قَبْضُ حَقِّهِ، فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي الِاقْتِضَاءِ دُونَ يَمِينٍ تَلْزَمُهُ.

تَنْبِيهٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَخَّارِ فِي انْتِقَادِهِ عَلَى ابْنِ الْعَطَّارِ، وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ إذَا غَابَ، وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَقْصِيَ حُقُوقَهُ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَا كَانَ يَدْرِي مَا يَدْرَأُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي شَرْطِ تَصْدِيقِ الِاقْتِضَاءِ، إذْ يَقُولُ شَرَطَتْهُ لِأَجَلْ كَذَا لَا أَنَّك مِنْ أَهْلِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ جَمِيعِ مَا يُتَوَهَّمُ وَهِيَ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ مِنْ السُّلْطَانِ، لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ إسْقَاطُهَا، وَلَا يُحْكَمُ عَلَى غَائِبٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ حُقُوقِهِ، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَأْتِيَ غَرِيمٌ آخَرُ يَسْتَحِقُّ مُخَاصَمَةَ هَذَا الْغَرِيمِ فِيمَا أَخَذَ أَوْ يَسْتَحِقُّهُ دُونَهُ، إذْ لَعَلَّهُ قَدْ اسْتَحَالَ بِدَيْنِهِ عَلَى غَيْرِ غَرِيمِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ، أَوْ قَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ مَنْ يَعْلَمُهُ الْغَائِبُ وَلَا يَعْلَمُهُ غُرَمَاؤُهُ، فَهَذَا الْغَرِيمُ الطَّارِئُ لَمْ يُصَدِّقْ الْغَرِيمَ الْأَوَّلَ الْمَحْكُومَ لَهُ بِدِينِهِ، فَكُلُّ مَنْ جَاءَ مِنْ هَؤُلَاءِ يَقُولُ لِلْحَاكِمِ لِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>