للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» .

مَسْأَلَةٌ: وَفِي " الْمُتَيْطِيَّةِ " وَلَا تَكُونُ الْخُلْطَةُ فِي دَعْوَى بَيْعِ الْعَقَارِ بِالْمُبَايَعَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَا تَجِبُ الْيَمِينُ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ إلَّا بِشُبْهَةٍ وَهُوَ الشَّاهِدُ الْعَدْلُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

تَنْبِيهٌ: وَثُبُوتُ الْخُلْطَةِ يُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي دَعْوَى السَّلَفِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْمُقَارَضَةِ أَوْ الشَّرِكَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، إنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي يُحَدِّدُهَا الشُّهُودُ، وَلِذَلِكَ يُحْتَاجُ إلَى تَحْدِيدِهَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِ الْأَمَدِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي الْحَبْسِ وَشَهَادَةُ الضَّرَرِ لِلِاخْتِلَافِ فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ إنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مُدَّةِ الْأَمَدِ الَّذِي تُحَدِّدُهُ الشُّهُودُ لِلْخُلْطَةِ لَمْ تَجِبْ الْيَمِينُ فِيهِ إلَّا ثُبُوتَ الْخُلْطَةِ فِي مُدَّةِ الدَّعْوَى، وَلَا تَجِبُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْخُلْطَةِ يَمِينٌ فِي دَعْوَى مُبَايَعَةٍ فِي عَقَارٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ عَبِيدٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عُرُوضٍ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ سَهْلٍ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّمَا تُرَاعَى الْخُلْطَةُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَمِ مِنْ الْحُقُوقِ، وَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الْمُعَيَّنَةُ الَّتِي يَقَعُ التَّدَاعِي فِيهَا بَيْنَهُمَا، فَالْيَمِينُ لَاحِقَةٌ مِنْ غَيْرِ خُلْطَةٍ، وَقِيلَ لَا تَجِبُ الْيَمِينُ إلَّا بِالْخُلْطَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَهَذَا أَبْيَنُ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ إنَّمَا رَآهَا الْعُلَمَاءُ لِلْمَضَرَّةِ الدَّاخِلَةِ لَوْ سُمِعَ مِنْ كُلِّ مُدَّعٍ.

[فَصْلٌ تَجِبُ الْيَمِينُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى دُونَ خُلْطَةٍ فِي مَوَاضِعَ]

تَجِبُ الْيَمِينُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى دُونَ خُلْطَةٍ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: أَهْلُ التُّهَمِ وَالْعَدَاءِ وَالظُّلْمِ. وَمِنْهَا الصُّنَّاعُ فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ أَنَّهُمْ اسْتَصْنَعُوهُمْ، وَكَذَلِكَ هِيَ عَلَى أَهْلِ الْأَسْوَاقِ وَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ، فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ بَاعُوهُ مِمَّا يُدِيرُونَهُ وَيَتَّجِرُونَ فِيهِ دُونَ خُلْطَةٍ أَيْضًا، وَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ مَا يُدِيرُهُ وَلَا يَتَّجِرُ بِهِ، فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِيهِ إلَّا بِشُبْهَةٍ.

وَمِنْهَا: التُّجَّارُ لِمَنْ تَاجَرَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>