مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهَا مِنْ رَجُلٍ فَعَقَدَهُ ثُمَّ قَامَ عَلَى الزَّوْجِ يَطْلُبُهُ بِالْحَالِ مِنْ صَدَاقِهَا، وَطَلَبَ مُخَاصَمَتَهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ وَكِيلُهَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ عَلَى التَّوْكِيلِ فِي قَبْضِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَا يَسْتَلْزِمُ قَبْضَ الصَّدَاقِ.
مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ أَوْ الْعَقَارِ إذَا أَرَادَ قَبْضَ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى الْبَيْعِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ فِي الدَّارِ وَالْعَقَارِ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِتَوْكِيلٍ خَاصٍّ عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُ بَلَدٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِأَنْ مُتَوَلِّي الْبَيْعِ يَتَوَلَّى قَبْضَ الثَّمَنِ فَيُجْزِئُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ عَلَى الْبَيْعِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ فَإِنَّ لَهُ قَبْضَ الثَّمَنِ وَالْمُطَالَبَةَ بِهِ (اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ عَلَى التَّهْذِيبِ وَالطُّرَرَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الصَّدَاقِ) .
مَسْأَلَةٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ وَسُئِلَ سَحْنُونٌ عَمَّنْ وَكَّلَ رَجُلًا عَلَى مُخَاصَمَةِ رَجُلٍ فَلَمْ يَقُمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ سَنَتَيْنِ، وَقَدْ أَنْشَبَ الْخُصُومَةَ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى بِالْبَيِّنَةِ أَوْ لَمْ يُنْشِبْ خُصُومَةً وَلَمْ يَعْرِضْ فِي شَيْءٍ حَتَّى مَرَّتْ بِهِ السَّنَتَانِ ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُمَا يَطْلُبُ بِتِلْكَ الْوَكَالَةِ الْقَدِيمَةِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ، وَيُخَاصِمَ فِي ذَلِكَ أَمْ يُجَدِّدَ الْوَكَالَةَ؟ فَقَالَ سَحْنُونٌ: يَبْعَثُ الْحَاكِمُ إلَى الْمُوَكِّلِ يَسْأَلُهُ أَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ أَوْ خَلَعَهُ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ غَائِبًا فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ. قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: رَأَيْت بَعْضَ شُيُوخِنَا يَسْتَكْثِرُ إمْسَاكَهُ عَنْ الْخُصُومَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ نَحْوَهَا، وَيَرَى تَجْدِيدَ الْوَكَالَةِ إنْ أَرَادَ الْخُصُومَةَ.
[النَّوْعُ الثَّالِثُ مَنْ يُرِيدُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِصِحَّةِ مَا ادَّعَى بِهِ لِقَرِيبِهِ أَوْ جَارِهِ]
ِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَخْبَرَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَتَعَلَّقُ بِالرَّجُلِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَيَدَّعِي أَنَّ لِأَبِيهِ عَلَيْهِ دَيْنًا أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ إيقَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَوْكِيلٍ. قَالَ مُطَرِّفٌ: وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي لَهُ قَرِيبًا، فَإِذَا أَتَى بِالْبَيِّنَةِ أَعْذَرَ إلَيْهِ السُّلْطَانُ بِالْمَالِ فَأَتَى بِهِ وَوَقَفَهُ لِلْغَائِبِ وَضَرَبَ لَهُ أَجَلًا، فَإِنْ جَاءَ فَطَلَبَهُ أَخَذَهُ، وَإِنْ قَالَ: كُنْتُ تَقَاضَيْتُهُ أَوْ لَمْ يَأْتِ الْأَجَلُ رُدَّ إلَى الْغَرِيمِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَمْ يُوقَفْ لَهُ شَيْءٌ وَلَمْ يَعْرِضْ لِلْغَرِيمِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute