للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ وَجَبَ لَهُ عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَزَادَ مُطَرِّفٌ فِي نَصِيبِ الْغُيَّبِ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ لَا يُورَثُ عَنْهُمْ إنْ مَاتُوا قَبْلَ قُدُومِهِمْ، وَلَا تُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مَالٌ سِوَاهُ، حَتَّى تُعْرَفَ دَعْوَاهُمْ لَهُ وَطَلَبُهُمْ إيَّاهُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَحَبُّ إلَيَّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الْغُيَّبِ إذَا طَلَبُوهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِآبَائِهِمْ فِي ذَلِكَ دَعْوَى؛ لِأَنَّ رَجُلًا لَوْ قَامَ يَطْلُبُ دَارًا هَلَكَ عَنْهَا جَدُّهُ، وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُ فَجَرَّ إلَى نَفْسِهِ مِيرَاثَ أَبِيهِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَذَلِكَ لَهُ إذَا أَحَقَّهَا، فَكَذَلِكَ هَذَا، قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ إنْ قُضِيَ عَلَى الْغَائِبِ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنْ جَاءَ بِحُجَّةٍ مِثْلَ الْأَوَّلِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الْخُصُومَةِ وَلَا مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحُجَّةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ غَيْرِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ فَيُمَكَّنُ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْحَابِ مَالِكٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.

وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ مَزِيدُ بَيَانٍ وَاخْتِلَافٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ قُلْت: فَإِذَا قَامَ رَجُلٌ يَطْلُبُ شَيْئًا لِلْعَامَّةِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَخَاصَمَ فِيهِ فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ لَا حَقَّ لِلْعَامَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَضَى بِهِ لِلْخَصْمِ كَيْفَ يَكْتُبُ الْحَاكِمُ أَعَلَى الْعَامَّةِ أَمْ عَلَى الْقَائِمِ، فَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِمْ وَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَيَذْكُرُ فِيهِ أَنَّهُ قَامَ يَطْلُبُ لِلْعَامَّةِ كَذَا فَلَمْ أَرَ لَهُ حَقًّا وَحَكَمْت عَلَيْهِ، فَإِنْ قَامَ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ يُرِيدُ مُخَاصَمَةَ الْمَقْضِيَّ لَهُ سَمِعَ الْقَاضِي مِنْ حُجَّتِهِ وَمِنْ بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ قَالَ كَقَوْلِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ حَكَمَ عَلَيْهِ وَأَلْحَقَهُ بِهِ، وَلَمْ يَسْمَعْ حُجَّتَهُ وَلَا مِنْ بَيِّنَتِهِ، وَإِنْ جَاءَ بِغَيْرِ ذَلِكَ نَظَرَ لَهُ فِيهِ أَيْضًا وَلَا يُعَجَّزُ.

مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي الشَّيْءِ يُقْضَى عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُومُ أَحَدُ شُرَكَائِهِ يُرِيدُ الْمُخَاصَمَةَ فِيهِ أَيْضًا مِثْلَ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُعَجَّزُ فِيهَا الطَّالِبُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا مُسْتَوْفَاةً فِي فَصْلِ التَّأْجِيلِ وَالتَّلَوُّمِ وَالتَّعْجِيزِ فَانْظُرْهُ.

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى أَحْكَامٍ يَتَوَقَّفُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى إثْبَاتِ فُصُولٍ]

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْمَذْهَبِ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يُمَكِّنَ الْمَرْأَةَ مِنْ النِّكَاحِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا يَتَّصِلُ بِهِ إلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>