للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ عُقُوبَةِ جَاحِدُ الصَّلَاةِ]

فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ عُقُوبَتِهِ

قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ، وَقَالَ الزَّنَاتِيُّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ إقْرَارِهِ بِهَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَلَكِنْ لَا يُعَالِجُ بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يُفْعَلُ بِغَيْرِهِ مِمَّنْ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ، بَلْ يُشَارُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ وَيُنْخَسُ بِهِ وَيُدْمَى مَرَّةً لَعَلَّهُ يَرْتَدِعُ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَأَسْبَابِهِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ وَيُنْخَسُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ.

وَفِي التَّفْرِيعِ لِابْنِ الْجَلَّابِ إنْ امْتَنَعَ هُدِّدَ وَضُرِبَ، فَإِنْ امْتَنَعَ قُتِلَ فَيُبْدَأُ بِالتَّهْدِيدِ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ ثُمَّ بِالضَّرْبِ ثُمَّ بِالْقَتْلِ، وَالْوَقْتُ الَّذِي يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ فِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي مَحِلِّهِ، فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ أَنَّهُ يُضْرَبُ حَتَّى يَمُوتَ تَحْتَ السَّوْطِ لَعَلَّهُ إذَا أَوْجَعَتْهُ السِّيَاطُ يَتُوبُ وَهُوَ أَعْدَلُ مِنْ الْقَوْلِ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، قَالَ وَهَذَا حُكْمُ تَارِكِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ.

وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ مَنْ يَقُولُ أَنَا أُصَلِّي وَلَمْ يَفْعَلْ فَفِي قَتْلِهِ قَوْلَانِ، وَمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الْقَتْلِ قَالَ يُبَالَغُ فِي عُقُوبَتِهِ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَا وَجْهَ لَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَنَا أُصَلِّي وَلَا يَفْعَلُ، أَوْ يَقُولُ لَا أُصَلِّي لِأَنَّ الصَّلَاةَ عُدِمَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالِاعْتِبَارُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقَوْلِ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا خَافَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ مِنْ الْإِمَامِ لَمْ يُجْزِهِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ، لِأَنَّ سَبَبَ خَوْفِهِمْ الْمَعْصِيَةُ الَّتِي تُلَبَّسُوا بِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِقْلَاعُ عَنْهَا.

مَسْأَلَةٌ: الْعَاصِي بِسَفَرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ لَا يُشْرَعُ لَهُ الْقَصْرُ، وَلَا يَكُونُ سَفَرُهُ مُبِيحًا لِقَصْرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالْخِلَافُ أَيْضًا يَجْرِي فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ كَالسَّفَرِ لِصَيْدِ اللَّهْوِ.

مَسْأَلَةٌ: وَيَلْتَحِقُ بِذَلِكَ أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ لَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَيْهَا زَجْرًا لَهُ، لِيُقْلِعَ عَمَّا هُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ مِنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ أَوْ أَخْذِ الْمَكْسِ أَوْ الْإِبَاقِ أَوْ الْعُقُوقِ، وَفِي جَوَازِ أَكْلِهِ الْمَيْتَةَ وَامْتِنَاعِهِ مِنْهَا حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا خِلَافٌ كَثِيرٌ، وَشَهَّرَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْأَكْلِ، قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>