[فَصْلٌ فِي الْقَذْفِ وَالتَّعْرِيضِ بِهِ وَصِفَةُ إقَامَةِ الْحُدُودِ]
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اسْتَبَّا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: وَاَللَّهِ مَا أَبِي بِزَانٍ وَلَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ، فَاسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ قَائِلٌ: مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ.
وَقَالَ الْآخَرُونَ: قَدْ كَانَ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ مَدْحٌ سِوَى هَذَا، نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ الْحَدَّ فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ ثَمَانِينَ.
فَرْعٌ: وَسُئِلَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ فِي مُنَازَعَةٍ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَنَا أَبِي لَا يُعْرَفُ، فَقَالَ: إنْ قَالَهُ لِرَجُلٍ مَجْهُولٍ لَا يُعْرَفُ بِالْبَلَدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَهُ لِرَجُلٍ يَعْرِفُ الْبَلَدَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يُنَازِعُهُ تُكَلِّمُنِي وَقَدْ نَكَحْت أُمَّك وَكَانَتْ زَوْجَتِي، إنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حُدَّ الْقَذْفَ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا أَرَى عَلَيْهِ حَدًّا إلَّا الْعُقُوبَةَ الشَّدِيدَةَ، لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ نَكَحَهَا اكْتَفَى بِشَهِيدَيْنِ، وَلَوْ كَانَ قَذْفًا مَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ بِدُونِ أَرْبَعَةٍ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: وَقَوْلُ مَالِكٍ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ شَدِيدٌ، لِأَنَّهُ يَنْزِعُ فِي الْمُنَازَعَةِ إلَى أَقْبَحِ شَيْءٍ وَأَشْنَعِهِ، وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مُنَازَعَةٍ مَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
مَسْأَلَةٌ: وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: يَا ابْنَ الْعَفِيفَةِ، وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ، أَنَّ عَلَى الْقَائِلِ يَا ابْنَ الْعَفِيفَةِ الْحَدَّ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةً، وَعَلَى الْقَائِلِ يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ الْحَدُّ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِالْخَبِيثِ الزِّنَا فَإِنْ حَلَفَ أُدِّبَ وَإِنْ نَكَلَ حُدَّ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ إنِّي لَعَفِيفٌ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَرَادَ عَفِيفَ الْكَسْبِ أَوْ الْمَطْعَمِ، فَيَحْلِفُ وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَدِّ وَيَنْكُلُ، وَفَارَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute